للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على العالمية. وفي ١٩٢٧ رجع إلى الجزائر دون أن يزور أي مكان آخر (١).

بدأ حركة التعليم في تبسة. وربما كان ذلك بإيعاز من ابن باديس. وقد وجد الشيخ التبسي حركة التعليم نشيطة. فاستعمل المسجد. ولما ضايقته الإدارة أشار عليه ابن باديس بالتوجه إلى سيق غربا، وهي المدينة التي طلب أهلها من ابن باديس إرسال معلم إليهم. وظل الشيخ التبسي يتردد بين تبسة وسيق بضع سنوات. وفي أثناء ذلك تبرع أحد أبناء تبسة المحسنين (الحاج الحواس) بدار له فحولها الشيخ التبسي إلى مدرسة وجلب إليها أربعة معلمين. وهكذا أصبحت مدرسة ابتدائية تضم حوالي ٤٠٠ تلميذ. ولما ضاقت الدار، بنى أهل تبسة (مدرسة البنين والبنات) سنة ١٩٣٤ تحت رعاية الجمعية الخيرية (تأسست سنة ١٩٣٢)، وكان رئيسها هو الحاج الحواس نفسه. وقد واصل الشيخ التبسي إدارة هذه المدرسة إلى ١٩٤٧ حين أصبح مديرا لمعهد ابن باديس (٢). إن هذه ليست ترجمة لحياة الشيخ التبسي، ولكنها سطور تعكس مسيرة العلم والتعليم في عهد جمعية العلماء وكيف أصبح ابن الخيمة هو أحد أبرز أعضاء هذه الجمعية، فتولى نيابة رياستها وإدارة معهدها والتحدث باسمها أيام الثورة إلى أن استشهد.

وكان كفاح العلماء مريرا في مصارعة الإجراءات الإدارية ضد المدارس والمعلمين بالعربية. ولا نريد أن نتبع ذلك في كل مراحله لأن ذلك يطول، ولكننا نكتفي بالإشارة إلى منشور ميشيل سنة ١٩٣٣ وقرار رينيه ١٩٣٨ فكلاهما ضيق الخناق على المساجد الحرة والمدارس التي تعلم بالعربية، وكذلك على المعلمين بدون رخصة إدارية (٣). وقد جند ابن باديس قلمه


(١) قام بزيارات للمشرق وأدى فريضة الحج في عهد لاحق.
(٢) يقول محمد علي دبوز (أعلام) ٢/ ٣٣ أن المدرسة استمرت إلى ١٩٥٦ حين احتلها الجيش الفرنسي. وقد استشهد الشيخ التبسي سنة ١٩٥٧ بعد اختطافه في العاصمة على يد مجهولين فرنسيين يظن أنهم من فرقة اليد الحمراء الإرهابية.
(٣) انظر ذلك في كتابنا الحركة الوطنية ج ٣. وقد درس رابح التركي مسألة التعليم بتفاصيل كثيرة في كتابه (التعليم القومي)، فليراجع.

<<  <  ج: ص:  >  >>