للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحنكته وسمعته لرفع الضيم عن المدارس والمعلمين. فاحتج بأسلوبه الخاص، وخاطب (الديموقراطيق) الفرنسية بعبارات استنكارية، ونادى على كل الجزائريين مهما كانت مواقعهم ليتحركوا ضد ما يحاك لدينهم ولغتهم. فوجه كتابا مفتوحا إلى النواب (الأحرار)، وآخر إلى قضاة الشرع الإسلامي، وثالثا إلى معلمي الفرنسية الأحرار، ورابعا إلى جمعية قدماء المحاربين، طالبا منهم الوقوف ضد قرار رينيه (٨ مارس ١٩٣٨) القاضي بطلب الرخصة لمعلمي المكاتب (المدارس) العربية رغم أن طلب الرخصة لا يجاب، ولاستنجاد بهم، وتذكيرهم بدورهم أمام الله وأمام الأمة (١). وفي هذه الأثناء كتب ابن باديس مقالته (يالله للإسلام والعربية في الجزائر - كل من يعلم بلا رخصة يغرم، ثم يغرم ويسجن ... كل من يطلب الرخصة لا يجاب، هذا عمل الإدارة الكثير المتكرر) (٢). وقد اطلعنا على رسالة بعث بها ابن باديس إلى أحد المعلمين، اسمه محمد شوفان. يستأذنه في نشر جوابه بالبصائر ليكون عبرة ضد من يحاول منع الناس من تعلم لغتهم ودينهم. وأشار عليه ابن باديس بطلب الرخصة أولا فإن منعت عنه فليعلم وليستعد للمحاكمة (والمخالف للقانون حينئذ هو الذي يمنع الرخصة من أهلها) (٣).

كما كتب ابن باديس مقالته (ماذا في الجنوب: اندجينا جديدة بعد ١٠٨ سنوات)، وهي عن منشور الحاكم العام إلى حكام الجنوب بالقبض وسجن كل طالب (معلم) منسوب إلى الجمعية حال جولانه باسمها أو دعوته إليها (٤). وقد استمرت هذه المصارعة بين الجمعية والإدارة الفرنسية إلى قيام الثورة عام ١٩٥٤، ولكن بدرجات متفاوتة وبأساليب مختلفة. وفي كتابات الإبراهيمي بعد ١٩٤٧ ومحاضر الجمعية ما يلقى أضواء على هذه القضية.


(١) البصائر ٢٢/ ٤/ ١٩٣٨.
(٢) نفس المصدر، ٨ أبريل، ١٩٣٨.
(٣) الرسالة بتاريخ ٢٢ يوليو، ١٩٣٩، وقد مكنني من نسخة منها علي امقران السحنوني، بتاربخ ٩/ ٣/ ١٩٨٠.
(٤) البصائر ١٣ مايو ١٩٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>