وقد اهتمت الجمعية بنشر التعليم العربي حتى بين أبناء الجالية في فرنسا. فأرسلت إليهم الوعاظ والمعلمين. وقام هؤلاء بتأسيس بعض المدارس والنوادي. ومنهم سعيد صالحي والفضيل الورتلاني وسعيد البيباني والربيع بوشامة. وتوجد أخبار نشاطهم في جريدة البصائبر. وبعد أن أسس الورتلاني مدرسة التهذيب في فرنسا حوالي ١٩٣٨، هاجر إلى مصر والتحق بالأزهر وربما ارتبط بحركة الإخوان المسلمين. ولكن الجمعية أعلنت في جريدتها أنه هو رئيس البعثة الموجهة من طرف جمعية العلماء إلى الجامع الأزهر وأنه تقدم لنيل شهادة العالمية وحصل عليها. وفي نفس الخبر أن علاوة الجيجلي قد حصل أيضا على هذه الشهادة (١). ومن ذلك نعلم أن في مصر عندئذ نواة (لبعثة) لجمعية العلماء، ولكننا لا نعرف عدد أفرادها ولا كيفية إرسالهم. فهل كان ابن باديس يخطط في ذلك الوقت لتكوين إطارات في المشرق لتتولى المرحلة الثانية من التعليم الذي بدأه؟ لقد أشرنا إلى أنه كان ينوي أيضا توجيه (بعثات) نسائية إلى دمشق. وسبق له أن وجه تلاميذه إلى جامع الزيتونة. ومهما كان الأمر فإن إعلان الحرب ثم وفاته (١٩٤٠) قد أوقف مشروع البعثات إلى المشرق. ولم تستأنفه الجمعية إلا في أوائل الخمسينات مع خريجي معهد ابن باديس. وقد أشرنا إلى ذلك.
ولا يفهم من هذا إن كل المدارس الحرة التي أنشئت كانت تحت لواء جمعية العلماء، إنما كان ذلك هو الغالب. فقد أنشئت مدارس حرة دون وضعها تحت جمعية العلماء إما لعدم اقتناع مؤسسيها بحركة الإصلاح، وإما لخوفهم أو الخوف على مشروعهم، من انتقام السلطة الفرنسية إذا انضموا للجمعية، وقد اضطهدت الإدارة الفرنسية من ينضم لجمعية العلماء ومن يطبق برنامجها ومن يقرأ جرائدها الخ. ولذلك فضل الآخرون العمل المستقل. وكانت الجمعية أحيانا تحرض على ذلك، لأن المهم عندها هو نشر التعليم ويقظة الناس، وكثيرا ما استعملت هي ومراسلوها التقية والتخفي