للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(المحلية) التي لا تهتم بالمعنويات كما هو الحال في الجمعيات الفرنسية (لأن الدولة هي التي توفر ذلك بما فيه التعليم)، ولكنها تهتم بالحالة المادية. كما أن هذه المدارس مدعومة بالجمعيات الأدبية والودادية والشبيبة الإسلامية. هذا من جهة ومن جهة أخرى، فإن الحرب العالمية الأولى قد تولدت عنها أفكار حفزت الأهالي ونورت عقولهم. ومن ذلك ظهور أغنياء أمريكا وتبرعاتهم للجمعيات العلمية. كما أن الصحف قد ذكرتهم بأن الثروات في عهد الخلفاء الراشدين كانت تستعمل أيضا لنشر العلم. وهكذا فإن المؤسسات الإسلامية الخيرية القديمة قد تعصرنت بإنشاء المدارس الحرة، كما ظهرت شخصيات صغيرة الحجم في البلاد تفعل فيها ما يفعله روكفلر في أمريكا (يعني المحسنين الذين تبرعوا للعلم) (١).

وأضاف ديبارمي إن هذه المؤسسات العصرية (المدارس) تتميز عن القديمة بالفكرة والبرنامج والطريقة. وأن الغيورين عليها لا يسمونها اليوم (مسيدات) أو كتاتيب قرآنية، ولكن مدارس بالمعنى القديم (MEDERSAS)، أي مدارس عليا (٢). وليس إنشاؤها اليوم بهدف ديني فقط بل من أجل هدف وطني وقومي. ألم تكتب جريدة (النجاح) (٣) في عدد ٥ يناير ١٩٣٠ عند افتتاح (جمعية الصفاء) (٤) بالعاصمة هذا العنوان: (من أجل نشر اللغة العربية) ثم قالت فيه: إن الهدف من إنشاء هذه الجمعية وطني وقومي، إن الأمة التي ليس لها لغة لذاتها ليست أمة بمعنى الكلمة ... (نص طويل). وهاجمت الجريدة نفسها في عدد ٩ مارس ١٩٣٠ تعليم الكتاتيب الذي يبقى فيه التلميذ


(١) لا شك أن ديبارمي يقصد أمثال محمد علي دمارجي وعمر إسماعيل من المحسنين الذين كانوا وراء تأسيس مدرسة الشبيبة، ونادي الترقي ومدرسة السلام.
(٢) المقصود بها المدارس الإسلامية، كما كانت في بغداد وغيرها من الحواضر الإسلامية. وكان في الجزائر منها مدرسة صالح باي (الكتانية) ومدرسة القشاش بالعاصمة والمدرسة المحمدية بمعسكر، ومدرسة مازونة. وقد أبقى الفرنسيون كلمة (مدرسة) La Médersa بالنسبة للمدارس الشرعية الرسمية فقط، وهي ثلاثة، كما ستعرف.
(٣) كانت (النجاح) ذات اتجاه وطني في أول عهدها.
(٤) لا نعرف مصدرا آخر تحدث عنها.

<<  <  ج: ص:  >  >>