للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولعل ما يلفت النظر في البعثات الميزابية هو الإشراف والتوجيه والانضباط. أما التلاميذ الجزائريون الآخرون فقد كانوا عادة يذهبون أحرارا وفرادى. على أن بعضهم، مثل تلاميذ أهل سوف، كانت لهم تنظيماتهم في تونس في شكل روابط وكذلك وسائل استقبال وتسهيلات الإقامة والدراسة (١)، نظرا لوجود جالية سوفية معتبرة.

وأنشئ في ميزاب معهد الحياة الذي أشرنا إليه. وبدأت ثماره تظهر عبر السنين إلى أن قرر مسؤولوه، وعلى رأسهم الشيخ إبراهيم بيوض إرسال بعثة منه إلى تونس لمواصلة الدراسة الثانوية. ويذكر دبوز أنه كان أول تلميذ من هذا المعهد (٢) وأنه رأس بعثته سنة ١٩٤٢، ثم أخذ الطلاب يتواردون على تونس، فوصل بعضهم سنة ١٩٤٣ وآخرون سنة ١٩٤٤، وهكذا. ونحن نعلم أن ظروف الحرب الثانية كانت استثنائية في تونس، لأن هذه البلاد كانت مسرحا لتصارع قوات الحلفاء مع قوات المحور. فالسفر عندئذ كان مغامرة كبيرة. ومن تلاميذ معهد الحياة محمد العساكر وصالح خرفي وكلاهما التحق بتونس، وكذلك العالم الليبي علي بن يحيى معمر، وأصله من جبل نفوسة. وهكذا فإن معهد الحياة قد واصل رسالة معهد بني يسقن وربط النشاط التعليمي الحديث في ميزاب بنظيره في الجزائر وتونس والمشرق. فكان بحق رمزا لنهضة علمية قوية.


(١) كنت شخصيا ضمن حوالي عشرة طلاب من قمار سنة ١٩٤٧ إلى تونس، ولم يكن لنا (مسؤول) بعينه، وإنما الطلبة القدماء هم الذين يشرفون على الجدد ويوجهونهم إلى أن تستقر أوضاعهم بالتعاون مع عناصر الجالية في تونس.
(٢) دبوز، مرجع سابق، ص ٢٦٤ - ٢٦٨. أخبر دبوز أنه كان ضمن البعثة الثانية سنة ١٩١٦، ثم أخبر أنه كان أول تلميذ من معهد الحياة يحل بتونس ويكون بعثته ويرأسها سنة ١٩٤٢. ولم نستطع الربط بين التاريخين. كما أخبر أنه ذهب إلى مصر سنة ١٩٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>