للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والطبخ والدراسة والحياة الاجتماعية. وكان إمام البعثة هو أبو اليقظان. ووجدت البعثة طريقها إلى مدرسة السلام القرآنية التي أسسها في تونس الشاذلي المورالي. ويقول دبوز إن هذه البعثة قد رجعت إلى الجزائر في ١٩١٥ (١) ولا ننسى أن هذه كانت فترة حرجة في التنقل والمعاش نظرا لاندلاع الحرب وتجنيد الشباب الجزائري فيها وإعلان حالة الطوارئ. فهل ان رجوع البعثة المبكر يرجع إلى هذه الظروف؟ ومهما كان الأمر فإن أبا اليقظان قد أسس في هذه السنة (١٩١٥) مدرسة قرآنية حديثة في القرارة وجعلها على غرار مدرسة السلام بتونس وأدخل فيها العلوم العصرية والرياضة البدنية، ولعل ذلك كان من آثار رحلته إلى تونس.

وسافرت البعثة الثانية إلى تونس برئاسة أبي اليقظان أيضا. ومن ضمنها محمد علي دبوز وإبراهيم أطفيش ومفدي زكريا ورمضان حمود ومحمد الثميني. وكأنه كان مقدرا لها أن تكون بعثة مختارة لأن هؤلاء جميعا أصبحوا من زعماء الثقافة في الجزائر وتونس والمشرق. ثم سافرت بعثة أخرى إلى تونس برئاسة محمد الثميني (١٩١٩)، وأخرى برئاسة الحاج صالح بن باعلي، فأصبحت في تونس ثلاث بعثات ميزابية في وقت واحد. وفي سنة ١٩٢٥ رجع أبو اليقظان إلى الجزائر واستخلف على البعثة قاسم بن الحاج عيسى (٢). وفي الجزائر شرع أبو اليقظان في مشروعه التاريخي وهو إنشاء الصحافة العربية الحرة. وقد تحدثنا عن مشروعه هذا في فصل آخر.

وتواصلت البعثات الميزابية إلى تونس بين الحربين. فكان الطلبة يخبرون بعضهم البعض، وكانت النتائج العلمية ومشاركة الميزابيين في الحياة السياسية بتونس (سيما في الحزب الدستوري برئاسة الثعالبي) والمساهمة في الحياة الأدبية، كل ذلك جعل سيل البعثات الدراسية يزداد تدفقا. ولم يقتصر الأمر على بني ميزاب بل شمل مختلف المناطق ولكن بدرجات متفاوتة.


(١) دبوز (أعلام) ٣/ ١٨٣، وهو رجوع مؤقت.
(٢) نفس المصدر، ص ٢٠٦ - ٢٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>