للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلال الثلاثينات يعد أول خطوة في التعليم العالي الفرنسي في الجزائر (١)، فإن المحاولة الأولى في هذا الميدان، في نظرنا، هي إنشاء مدرسة الطب بالجزائر سنة ١٨٥٧. وهناك من يعتبر هذه المدرسة هي النواة لجامعة الجزائر. وكان الدكتور بودان Baudens، الطبيب العسكري، قد أنشأ مع غيره من الأطباء العسكريين سنة ١٨٣٢ مدرسة طبية وصيدلية قرب حديقة الباي، وهي عبارة عن قاعات (براكات) خشبية احتوت على ألف سرير. وكان التعليم فيها عمليا في أغلبه نظرا للظروف العسكرية التي كانت تمر بها الجزائر. وبعد أربع سنوات وقع التخلي عن هذه المحاولة (٢).

أما التأسيس الحقيقي لمدرسة الطب فقد نص عليه قرار ٤ غشت ١٨٥٧. وقد بدأت بداية متواضعة، فكان بها فقط ثمانية من الأساتذة المرسمين وأربعة احتياطيين. ولم يكن هدفها هو تدريس الطب وخدمته كما في فرنسا، لأنها كانت في بيئة أخرى، كما ذكر دوتيه، تختلف بالدين والعرق عن بيئة فرنسا. ولذلك قال الدكتور أميري فريسون في خطبة الافتتاح لسنة ١٨٦٢ أن رسالتها (مدرسة الطب) ليست تكوين أطباء أوروبيين أو أهالي، ولكن هدفها مساعدة الطب لمشكل الحضارة الأهلية. وكان الدكتور فريسون قد اختار عنوانا موضوعه هكذا (تأثير العلوم عامة والطب خاصة على حضارة العرب). وفي سنة ١٨٩٢ كرر الدكتور تيكسييه، مدير مدرسة الطب بالجزائر، مقولة الوزير دي سالفندي أمام مؤتمر طبي بباريس: (أن الجيش العربي لا يمكن التعامل معه إلا من خلال الدين والطب. فأما الدين فيفرقنا عنه، وأما الطب فيجمعنا به) (٣).

ولكن مدرسة الطب قد تكونت وأدت خدمات هامة في ضوء الحضارة


(١) انظر الفقرة الخاصة بهذا النوع من التعليم (إنشاء كراسي اللغة العربية في الجزائر وقسنطينة ووهران).
(٢) بيلي J.BAYLE. (عندما أصبحت الجزائر ...)، مرجع سابق، ص ٢٨٥.
(٣) إدمون دوتيه E.DOTTE، المجلة الإفريقية، ١٩٠٥، ٤١٤. انظر أيضا بأولى، نفس المصدر، ص ٤٠٨. وكذلك فصل العلوم من هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>