للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العربية الإسلامية في الجزائر وبالوسائل العلمية الفرنسية. وقد بقيت محتكرة من قبل الفرنسيين. فلم يدخلها من الجزائريين إلا النادر. كان إنشاؤها بمبادرة من المارشال راندون، الحاكم العام في وقته (١٨٥٢ - ١٨٥٧)، وكانت تستقبل الشباب الفرنسيين للشروع في الدراسات الطبية الميدانية الأولى في عين المكان. وكان قانونها يسمح للشبان الجزائريين أيضا بدخولها سواء في ميدان الاستعمالات الطبية أو الجراحة العامة، على أن يعمل هؤلاء الشبان فيما بعد في الأوساط الريفية التي يتحكم فيها الطب الشعبي والشعوذة والسحر (١). وفي سنة ١٨٦٧ كان بالمدرسة جزائريان فقط، وهما علي بن محمد بن بولكباشي وقدور بن محمد (٢). كما أن هدفها من قبول بعض الجزائريين هو مساعدة المتخرجين منها لذويهم وإخراجهم من ربقة التخلف وربطهم بركب الحضارة الحديثة، حسب تعبير جريدة (المبشر) الرسمية (٣). وهو بدون شك، تعبير جميل ولكنه غير واقعي. وقد اشترط لدخول الشباب الجزائريين إليها معرفة اللغة الفرنسية ومعرفة العلوم الطبيعية. ومن أين لهم بذلك؟ إن الوسيلة الوحيدة هي أن يكونوا قد درسوا في كوليج الجزائر سابق الذكر أو أن يكونوا من الرهائن الذين أخذوا إلى فرنسا قسرا خلال الأربعينات. ولذلك أخبرت جريدة المبشر أن الذين لبوا الشرط، بعد أكثر من عشر سنوات من إنشاء المدرسة، لم يتجاوزوا ثلاثة، وقد استطاعوا بذلك الحصول على المنح الدراسية في المدرسة وتخرجوا منها. وكان بها سنة ١٨٦٩ ثلاثة آخرون (٤). وليس بهذا العدد سينتشر الطب في الجزائر أو يتقدم المجتمع! ففي سنة ١٨٧٢ لم يكن بمدرسة الطب من الجزائريين سوى خمسة.


(١) زوزو، نصوص، مرجع سابق، ٢١٥.
(٢) المبشر، ٣ أكتوبر ١٨٦٧. يظهر من اسم الشابين أنهما من أبناء الملتحقين بالجيش الفرنسي. وكانا قد تخرجا من الكوليج الامبراطوري (المدرسة السلطانية).
(٣) المبشر، عدد ٢١ أكتوبر ١٨٦٩.
(٤) نفس المصدر. مما يذكر أن (المبشر) وهي جريدة للدعاية الفرنسية عندئذ، أخبرت أنه لو كان للجزائريين أطباء لما حدثت لهم أزمة وجائحة سنة ١٨٦٦ - ١٨٦٧. ولكن كيف؟ ومن المسؤول عن ذلك؟.

<<  <  ج: ص:  >  >>