للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحربية الفرنسي حين كتب إلى الحاكم العام المارشال فاليه Vallé يخبره بأن الهدف ليس ترك الأطفال الجزائريين يتعلمون على طريقتهم وفي مدارسهم، ولكن تحويلهم إلى دعاة للحضارة الفرنسية عن طريق آبائهم. وكان في ذهن الوزير مشروع إنشاء مدرسة في فرنسا تستقبل أبناء الأعيان الجزائريين، وبعد غسل مخهم هناك واتصالهم بالأطفال الفرنسيين والحياة الفرنسية يرجعون إلى ذويهم ليؤثروا فيهم. يقول الوزير في مراسلته بتاريخ ٢٠ ديسمبر ١٨٣٧ (على أثر احتلال قسنطينة): إن هدف الحكومة هو جعل العرب يقدرون الفوائد التي تنجر إليهم من تعلم حضارتنا، وذلك بجمع عدد من الفتيان العرب وإرسالهم إما إلى الجزائر العاصمة وإما إلى باريس نفسها. إن هؤلاء سيرجعون بعد الحصول على المعارف من مدارسنا، إلى صفوف أهاليهم وإلى السكان عموما، ويقصون عليهم بحضورهم الشخصي، ما عرفوه من الأنوار العلمية والعجائب، مما سيكون له مفعول كبير لصالح قضيتنا. وتذكر المصادر الفرنسية أيضا أن الوزير الفرنسي كتب كذلك إلى الأمير عبد القادر بهذه الفكرة أثناء صلح التافنة، وهي إرسال الفتيان العرب إلى فرنسا أو إلى عاصمة الجزائر. وكانت المناطق الغربية والوسطى من البلاد تحت حكم الأمير. ولكن الأمير، كما قالوا، لم يرد على هذا العرض لأنه كان متخوفا من عواقبه (١).

وكان الفرنسيون قد أحدثوا في باريس معهدا خصا سموه (الكوليج العربي) سنة ١٨٣٩، الهدف منه استقبال الفتيان العرب وصهرهم في البوتقة الفرنسية، ثم إرجاعهم إلى الجزائر ليقوموا بدور المبشرين بالحضارة الفرنسية تمهيدا للسيطرة والاستعمار، حسب مخطط الوزير المذكور. ولهذا المعهد وظيفتان الأولى إكرام الأعيان العرب (الجزائريين) الذين يزورون فرنسا زيارات منظمة، وحسن استقبالهم، وتطريتهم. والثانية تعليم مجموعة من الفتيان الجزائريين الذين يوضعون تحت إشراف ورقابة (رجال ثقاة وتقاة منهم) على أن يتلقوا تعليما على أيدي معلمين فرنسيين. كما ألحقت بهذا


(١) ميرانت، مرجع سابق (كراسات)، ص ٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>