للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

برينييه في الجزائر وشيربونو في قسنطينة.

ولكن هذا كله لا يفيد شيئا تقريبا، لأن ميزانية المدارس قد أصبحت في يد البلديات منذ ١٨٦١. والبلديات كان يسيطر عليها الكولون والعناصر التي لا تهتم بالمدارس العربية - الفرنسية ولا بتعليم الجزائريين مطلقا. ولذلك توقفت البلديات عن تخصيص ميزانية للصيانة والرعاية المالية والبناء والرواتب. والمعروف أن بلدية وادي العلايق مثلا رفضت إنشاء مدرسة عربية - فرنسية، وكانت البلديات تقول إن للعرب أكثر من ٢٠٠٠ مدرسة قرآنية وهذا يكفيهم (١). وبدأت البلديات بقطع الميزانية المتعلقة باللغة العربية. فاعترى المدارس الإهمال والهرم، كما أن المدارس الجديدة لم تر النور، بل إن الموجود منها اختفى خلال المرحلة الثالثة (٢).

٣ - أما المرحلة الثالثة فقد عرفت تغييرات في هذه المدرسة العربية - الفرنسية القائمة على الازدواجية اللغوية والفكرية. لقد أدى ذكاء الفرنسيين سنة ١٨٥٠ إلى محاولة الدخول في شخصية الجزائري وشطرها عن طريق هذا النوع من التعليم. فحين وجدوه رافضا لتعليمهم الخاص وتعليمهم العام، لجأوا إلى هذه الحيلة، وهي وضع العربية إلى جانب الفرنسية والمعلم الفرنسي إلى جانب المعلم المسلم، والحروف العربية إلى جانب الحروف اللاتينية والمعارف الدينية الإسلامية إلى جانب المعارف الفرنسية المسيحية. وكل ذلك كان تحت إشراف مفت أو قاض نظريا. ولكن هذه المرحلة (الثانية) كانت جسرا فقط، وكانت مؤقتة، ولم تكن شاملة ولا ديموقراطية، ولم تحصل منها نتيجة مفيدة للشعب الذي بقي على حبه للتعليم وتمسكه بتراثه وظل يقاوم ما وسعته المقاومة، وهذا لا ينفي وجود بعض المستفيدين من التجربة الفرنسية المذكورة.

وحين أحس الفرنسيون بأنهم لم يعودوا في حاجة إلى مراعاة شعور


(١) انظر فصل التعليم في المدارس القرآنية والمساجد.
(٢) كولونا، مرجع سابق، ١٦. انظر أيضا بيلي، مرجع سابق، ٢٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>