للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الوقت الذي تترك فيه السلطات الفرنسية الجزائريين في حالة الجهل والإهمال وترصد فيه ميزانية للتعليم الإجباري للأطفال الفرنسيين، نجدها تطلق العنان للكاردينال لا فيجري وإخوانه وأخواته البيض يبنون أعشاشهم في منطقة زواوة وبعض المناطق الصحراوية. وقد طرد الجزائريون هؤلاء العنصريين (البيض) من زواوة سنة ١٨٧٠. ولكنهم رجعوا إليها بعد ذلك بأسلوب جديد. ويقول الفرنسيون إن لا فيجري أراد احتلال القلوب والأرواح لسكان زواوة (القبائل)، فأنشأ هناك الإرساليات. وحاول الجزويت، من جهتهم، نشر تعليمهم الخاص الذي كانت الحكومة (العسكرية) تمنعه. وقد دعمت الحكومة الفرنسية جهود لا فيجري هذه المرة في محاولة منها للسيطرة على منطقة زواوة التي رفضت المنصرين وإرساليات لا فيجري (١). ان زواوة قد خضعت عندئذ لترويض خاص اشترك فيه الجيش والإدارة والقضاة والمنصرون (المبشرون)، كل في ميدان اختصاصه. وكانت جهود لا فيجري لا تتمثل في التعليم فقط ولكن أيضا في سلب الجزائري من انتمائه واقتلاعه من جذوره، بوسائل عديدة كالمستوصفات والورشات ونحوها. لقد فعل ذلك جهة العطاف (سان سيبريان) وسمى المستشفى هناك باسم (القديسة اليزابيت). كما انتشر (الآباء البيض) في غرداية وورقلة وبسكرة، الخ. وهكذا بدل أن تنشر الحكومة الفرنسية التعليم بين الجزائريين، كما كان واجبها كدولة محتلة، وكما كان يطالب به الجزائريون أنفسهم، تركت الجزائريين لعبث الآباء البيض وجيش لا فيجري والجزويت يعيثون فسادا بينما كانت تحميهم بنادق الجيش الإفريقي ومليشيات الكولون. ويشهد بوجيجا الذي عمل طويلا في الإدارة الفرنسية، أن جهود لا فيجري هي التي مهدت الطريق لفتح المدارس الرسمية فيما بعد في زواوة (١٨٨٢)، مع أن مشروع لا فيجري الديني قد فشل (٢).


(١) عن نشاط الآباء البيض في زواوة وغيرها انظر فصل الاستشراق.
(٢) مانويل بوجيجا (تعليم الأهالي)، في S.G.A.A.N (١٩٣٨)، عدد ١٥٣ - ١٥٤، ص ٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>