للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن بحلول سنة ١٩٥١ كان عدد التلاميذ المتمدرسين يمثل ٤.٣% فقط، أي ثلاثين ألف تلميذ من مجموع ٧٠.٠٠٠ في سن المدرسة، وهو عدد قليل جدا، كما لاحظ السيد بول بيرنار (١). وهذا العدد يصبح ثلاثين ألفا على ١٥٠.٠٠٠ أي بنسبة ١، ٥%، عند السيد مارسيه (٢). ومعنى ذلك أن روح وحماس مرسوم ١٨٩٢ لم يتحققا. فالميزانية قد انخفضت كما لاحظنا من ٦٢١.٠٠٠ فرنك (للابتدائي) إلى ٢١٥.٠٠٠ فرنك فقط. ويرجع ذلك، كما قال بيرنار إلى عدم دفع البلديات نصيبها من المال لبناء المدارس من ميزانيتها. وقد توقفت الحكومة عن دفع القروض للبلديات، كما تردد المجلس المالي (الوفود المالية) في الموضوع، واشتدت معارضة العناصر المعادية للتعليم الأهلي.

وأمام تدهو التعليم الأهلي من جديد، قام الحاكم العام شارل جونار سنة ١٩٠٨ بمبادرة أنعشت هذا التعليم قليلا. ولكن المبادرة كانت محل انتقاد شديد أيضا. فقد تعهد ببناء ٦٠ قسما (وليس مدرسة) سنويا لأطفال المسلمين، وحصل على قرض يقدرب ٣٤٠.٠٠٠ فرنك. ثم بلغ القرض سنة ١٩٥٩ ما قدره ٥٤٠.٠٠٠ ف. لكن برنامجه لم ينفذ بحذافيره. فلم يبن سنة ١٩٠٨ سوى أربع مدارس. وتساءل بوجيجا هل يرجع ذلك إلى العراقيل؟ لقد أراد جونار أن ينشر التعليم الفرنسي بين الجزائريين بوسائل غير مكلفة، أي إنشاء مدارس أو أقسام، لا تستجيب لكل الشروط المطلوبة وقليلة المصاريف، وإعطاؤها معلمين من الجزائريين أنفسهم، لأنهم أيضا غير مكلفين، بينما المعلم الفرنسي له راتب محدد. وقد سمى بعضهم هذا النوع من المدارس (المدرسة - القربي - الكوخ)، وسمي هذا التعليم تفكها وسخرية تعليم بورخيص (بومارشي). ذلك أنه كان تعليما لا يحقق الهدف عندهم، وهو تكوين إنسان جزائري متأثر بالفرنسية وحضارة فرنسا ومسلوخ من حضارته. فقالوا إن المعلم الفرنسي يكون متحمسا من أجل فكرة وهي


(١) بول بيرنار، مرجع سابق، ص ٢١.
(٢) مارسيه، مرجع سابق، ١٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>