للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المدارس الجديدة في كل مكان، وبتوسيع القديمة، وهكذا انتزعوا زمام المبادرة من أيدي الإدارة. كما لاحظ ميرانت أن بعض القرى أصبحت هي التي تقدم المكان، منزل مثلا، ليكون مقرا للمدرسة. ولاحظ أن هناك أعيانا يتفاهمون مع المعلمين الفرنسيين لتعليم أولادهم على حسابهم.

والغريب أن ميرانت لا يفسر هذه الظاهرة باستجابة الجزائر لداعي النهضة والتأثر بروح المرحلة في أوروبا وفي الشرق، ولكن يفسرها بالتفضل الفرنسي، إذ يقول إن المدرسة الفرنسية قد (احتلت) قلوب الجزائريين، رغم التعصب السابق والكراهية لها والأحكام المسبقة. وبذلك أصبحت المدرسة (الفرنسية) في حد ذاتها محبوبة ومحل اعتبار في نظره. والواقع أن الجزائري كان يحب العلم حيث وجده، وقد كان يتدافع على المدرسة العربية الجديدة كالشبيبة والتربية والتعليم. كما كان يهاجر في طلب العلم ولو في الصين. ولكن ميرانت يذهب إلى أن الجزائريين قد تأثروا بحكم اتصالهم بالفرنسيين وتجنيدهم في الجيش الفرنسي واختلاطهم بالكولون، وذهابهم إلى فرنسا للعمل، وبكونهم فهموا أن مصلحتهم تقتضي تعلم الفرنسية وامتلاك التعليم الابتدائي بها (١). وهذا الرأي، إذا كان صحيحا بالنسبة للنقطة الأخيرة وهو السفر إلى فرنسا للعمل، فإنه قد لا يكون صحيحا بالنسبة لقضية الجندية والاختلاط بالفرنسيين، ذلك أن الجزائريين قد عرفوا الفرنسيين وخدموا في جيشهم كمتطوعين، منذ الاحتلال وحاربوا معهم في مختلف أنحاء العالم أيضا (٢).

ويتفق بوجيجا في بعض النقاط مع الرأي السابق، سيما في قضية الحضور المكثف، حتى لقد بلغ العدد ٤٣ تلميذا في الفصل (القسم)، وكذلك المواظبة. وقد ازداد تبعا لذلك عدد المدارس والأقسام وعدد التلاميذ. وإذا كان الفضل في هذا الإقبال يرجع إلى روح النهضة والوعي السياسي والوطني


(١) ميرانت (كراسات ...)، ٩٠ - ٩١.
(٢) حاربوا معهم في عدة نقاط كإيطاليا، والمكسيك، ومدغشقر، وألمانيا، والهند الصينية.

<<  <  ج: ص:  >  >>