للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انحرافه عن الهدف التربوي الحقيقي وعن ربطه بالمجتمع، فإنه فتح أعين الجزائريين على حقائق جديدة، وقد نجحت الحركة الإصلاحية والحركة السياسية، في تجنيد مجموعة من أبناء التعليم الأهلي الفرنسي فأنقذتها ووجهتها ورمت بها وسط الشعب لأداء المهمة الحضارية الحقيقية. فاثمرت جهودها في الإصلاح الاجتماعي والتحرر السياسي.

ونحن لا نستغرب أن يخرج أحد الفرنسيين مثل (جورج هاردي G.Hardy) لينتقد مسيرة التعليم الأهلي الفرنسي سنة ١٩٣٧ بشيء من السخرية والتحدي. فهو يرى أن المسألة بلغت حد التضحية. مائة ألف تلميذ جزائري في المدرسة! هكذا تعجب السيد هاردي. ومع ذلك فإن الحضور الحقيقي لا يتجاوز الثمانية أو التسعة آلاف طفل. إن السكان يتزايدون، وفي كل عام تفتح أقسام جديدة لأعداد جديدة من التلاميذ. وميزانية هذا التعليم صخرة ثقيلة على صدر الميزانية العامة، في نظره، وهي الميزانية التي يرصدها له المجلس المالي والحكومة العامة، رغم شدة الحاجة إلى هذه الميزانية في جهات أخرى (؟) حسب دعواه. وقال جورج هاردي إن الحكومة تقدم كل عام ١٨٧ مليون فرنك معونة لميزانية الجزائر لتصرف على تحسين أحوال الجزائريين، ومن ذلك المبلغ ٣٥ مليونا للتعليم. وأعلن أن هذا النوع من المعونة جديد في تاريخ الاستعمار، ولا يمكن استمراره. والحل؟ إما بقاء الحالة البطيئة للتعليم والتي لا فائدة منها في القريب العاجل، وإما الاعتماد على تلاميذ المدن فقط وعددهم لا يزيد عن ٦٥ ألف تلميذ بين بنين وبنات في كل الأقاليم الثلاثة. أما أبناء الأرياف فلا حظ لهم عند جورج هاردي في ذلك الوقت وعليهم الانتظار (١).

وهناك ملاحظات أخرى أبداها أحد الأجانب على التعليم الأهلي الفرنسي، جديرة بالنظر أيضا لأن الفرنسيين يضخمون فصائلهم حتى لا يرون في أنفسهم وأعمالهم إلا الحق والخير، ولو كان الأمر عكس ذلك. يقول


(١) انظر مقالته في (إفريقية الفرنسية)، عدد غشت/ سبتمبر ١٩٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>