للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المزدوج على أن تكون فيه اللغة الفرنسية هي السيدة. وبذلك بدأت المرحلة الثانية منذ ١٨٥١. وقد تميزت بعدم الفعالية أيضا لأن مجموع ما ظهر من المدارس المزدوجة لا يعدو ٣٤ أو ٣٦ مدرسة في مجموع القطر الجزائري إلى سنة ١٨٧٠. وخلال المرحلة الثالثة ألغيت هذه المدارس إلا ما كان منها في المناطق العسكرية، ورجع الإهمال للتعليم الجزائري، إلى ١٨٨٣ حين ظهرت بوادر الاهتمام، ولكن في شكل قرارات وإجراءات جزئية فقط، دون إنشاء المدارس ورصد الميزانية اللازمة له، وكانت معارضة الكولون وزعماؤهم للتعليم الأهلي قوية، وبذلك انتهت المرحلة الثالثة بدون نتيجة إلا من بعض المراسيم التي ظلت في أغلبها حبرا على ورق.

لكن المرحلة الرابعة هي التي شهدت ميلاد المدرسة الفرنسية الخاصة بالجزائريين، رغم التعثرات، وكان التعليم فيها موجها توجيها خاصا ويهدف إلى إخراج إنسان جزائري مسلوب من كل تاريخه ولغته وبيئته ودينه، فهو يتلقى تعليما خاصا في مدارس خاصة على يد معلمين خاصين وكأنه كان من جنس خاص. وبعد أن يتشوش ذهنه خلال ست سنوات ونحوها يرمى به للشارع. إذ لا حظ له في المواصلة، وقد ابتعد عن المدارس القرآنية. والنادرون فقط هم الذين يلتحقون بمدرسة ترشيح المعلمين في القسم الخاص (بالأهالي) أيضا. وقد يلتحق بعضهم بإحدى المدارس الرسمية الثلاث التي سنتحدث عنها. وهكذا، فإنه إلى سنة ١٩٤٠ لم تكن قضية تعليم الجزائريين قد وجدت حلا جذريا في الإدارة الفرنسية لعدم الحسم في هوية الجزائري: هل هو فرنسي فيتلقى تعليما كالفرنسيين؟ كيف يقع إقناع الأولياء بذلك؟ أو هل هو عربي مسلم فيتلقى تعليما يتماشى مع هويته وحضارته؟ وكيف يقتنع الكولون بذلك؟ وبينما كانت الإدارة الفرنسية جامدة أو مترددة في موقفها، كانت الحركة الإصلاحية قد وجدت الجواب فأخذت تعلم أبناء الوطن تحت شعار: الإسلام ديننا، العربية لغتنا، الجزائر وطننا (١).


(١) عالجنا ذلك في فصل التعليم في المدارس الحرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>