وفي ١٧ أبريل ١٨٩٦ زار كومبس نفسه مدرسة الجزائر بصفته وزيرا للتعليم هذه المرة. وكان مديرها عندئذ هو المستشرق ديلفان. وحضر مع الوزير المستشرق هوداس المدرس بمدرسة اللغات الشرقية بباريس والذي سبق له التدريس في الجزائر أيضا. كما حضر المدرسون الجزائريون بالمدرسة، ومنهم عمر بريهمات ومحمد السعيد بن أحمد بن زكري، وكذلك عدد من الأعيان، منهم المفتي والقاضي والإمام. وعلى رأس هؤلاء الأعيان الحكيم (طبيب) محمد بن العربي، عضو المجلس البلدي، ومحيي الدين الشريف الذي خاطب الوزير بالفرنسية باسم موظفي المساجد، وأمين قدور بن عبد الرحمن، وأحمد بن القبطان، وكلاهما من الأيمة، وعلي الشريف (الزهار)، الذي كان الفرنسيون قد خطفوه وهربوه إلى فرنسا أوائل الاحتلال (١٨٤٣). ويهمنا من هذا كله أن الوزير قد خصص ميزانية لبناء مدرسة جديدة، لضيق الأولى، ووعدهم بدعم إصلاحاته ورؤيته لجعل فرنسا لا تظهر في العالم الإسلامي في صورة الدولة المضطهدة للمسلمين، كما كان يشاع عنها (١).
وفي سنة ١٨٩٦ نشرت جريدة المبشر أسماء المعلمين والمواد التي يعلمونها في كل مدرسة من المدارس الشرعية. وقد رأينا ذكر ذلك هنا ليطلع القارئ على أسماء المدرسين من عرب وفرنسيين من جهة وليعرف توزيع المواد بينهم في بداية عهد الإصلاح الجديد. ونلاحظ قبل ذلك أنهم كانوا يسمون طلبة كل سنة (طبقة)، وأن المدرسين كانوا يتبادلون أو يتقاسمون الطبقات (السنوات). مثلا مادة النحو يدرسها فلان للطبقة الأولى ويدرسها فلان للطبقة الثالثة، وهكذا. ونفس الشيء في المواد الفرنسية. ولعل هذه التسمية مستمدة من نظام جامع الزيتونة بتونس. ومعدل الساعات هي اثنا عشر للمواد العربية والإسلامية، وثمانية للمواد الفرنسية. مع التنبيه على أن
(١) المبشر، ١١ أبريل وكذلك ١٨ أبريل ١٨٩٦. انظر أيضا إفريقية الفرنسية، مايو ١٨٩٦. وعن أحمد بن القبطان انظر سابقا، وقد كان إماما ومؤدبا في عهد الامبراطورية.