للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في نهاية السنة الثالثة. ثم يقضون السنة الرابعة في التدرب والتحضير التربوي في إحدى المدارس الابتدائية الخاصة بالأهالي، كما يتدربون على الأعمال اليدوية وعلى العربية الدارجة (رغم أنهم يتكلمونها في حياتهم اليومية). ونتيجة للتجربة التي ترجع إلى ١٨٦٥ كان الفرنسيون يعتبرون المعلمين الجزائريين مفيدين ومضرين معا. فمن جهة يريدونهم سفراء لهم حاملين لواء الحضارة الفرنسية للتأثير على أهلهم في القرى النائية. ومن جهة أخرى يريدونهم ألا يظهروا ظهورا يتناقض مع تقاليدهم ولغتهم. ولذلك قالوا إن الهدف من دخولهم مدرسة ترشيح المعلمين ليس هو نزع الإسلام من صدورهم، ومن رأيهم أن بقاء المعلمين بلباسهم التقليدي ومنع المشروبات الكحولية عنهم، وصيامهم رمضان - كلها تجعلهم مقبولين أكثر عند ذويهم مما لو قلدوا الفرنسيين في لباسهم وأكلهم وشربهم وسلوكهم. ومن جهة أخرى لاحظوا، وهم يعرفون ذلك، أن الأهالي كانوا يفضلون المعلم الفرنسي، لأنه لا يتكلم معهم إلا الفرنسية، أما المعلم الذي لا يتكلم العربية وهو عربي ولا يعرف الإسلام وهو مسلم فيسقط في أعين الأهالي، ومن ثمة يضر بالقضية الفرنسية. وقد لخص جورج مارسيه المشكل عندما قال إن المعلمين الأهالي قد يكونون نافعين لفرنسا جدا وقد يكونون مضرين لها كذلك (١).

كانت المدرسة كما لاحظنا قد قامت على التمييز بين المعلمين الفرنسيين والمعلمين الجزائريين. فالمسابقة كانت خاصة، والدروس كانت خاصة، واللائحة الداخلية خاصة، ومدة الدراسة خاصة، والرتب خاصة. وهكذا. وقد استمر هذا الوضع إلى حوالي ١٩٢٤ حين توحدت المسابقة


(١) مارسيه (مؤتمر)، مرجع سابق، ١٨٩ - ١٩٠. لأسباب لم يفصح عنها وإنما قال: (أسباب مختلفة) عمل الفرنسيون على تجنيد المترشحين الأهالي من مدارس منطقة زواوة بالخصوص حيث نشط الآباء البيض، وبعد التخرج من المدرسة النورمالية كانوا يوجهونهم إلى مناطق لا تعرف إلا العربية، فحدثت خصومات وردود أفعال كانت مقصودة من المستعمرين الفرنسيين.

<<  <  ج: ص:  >  >>