مع التلاميذ. إن فكرة الأخلاق في نظر البرنامج الفرنسي مبنية على فكرة الإله. وعليه يمكن للمعلمين أن يبينوا للتلاميذ أن الحقائق الأخلاقية موجودة في القرآن والإنجيل، وكذلك لدى الأخلاقيين القدماء والمحدثين. وهم جميعا يوصون بنفس الشيء في أغلب الأحيان ويدعون إلى تجنب نفس الأخطاء أيضا. وهذا التحليل يتماشى في الواقع مع الأفكار الماسونية التي كانت وراء الثورة الفرنسية. وكان الحكام العامون في الجزائر وعدد من المسؤولين أعضاء في المحافل الماسونية.
والغريب أن البرنامج يخلط بين التربية الأخلاقية والتربية السياسية. وهو يدخل الولاء لفرنسا ضمن هذه التربية. فإذا كانت حقائق الأخلاق موجودة في كتب الأديان وفي الفلسفات فأين حقائق الولاء لفرنسا في هذه؟ فقد جاء في البرنامج التنصيص على توجيه التلاميذ نحو طاعة الوالدين واحترام المعلم. وهذا واضح ومعقول. ولكن تعليمهم وتعليم ذويهم الواجبات نحو فرنسا مقابل حمايتهم وتوفير العدل لهم وحفظ السلام والمصالح العامة، وكون فرنسا فعلت الخير نحوهم لأنها علمتهم ومدنتهم. كما نص البرنامج على تعليم الطفل طاعة واحترام من يحكم ويسير البلاد باسم فرنسا، بل واحترام العلم المثلث والجيش الفرنسي، وكذلك احترام القانون والسلطات على أنه شعار كل أمة متحضرة، (ويجب الإلحاح على هذه الحقيقة الأساسية بالخصوص)، وكذلك (الإلحاح على ضرورة دفع الضريبة، وعدم ارتكاب الغش)(١).
ولا تخلو المواد الأخرى أيضا من فلسفة عند البعض. بالنسبة للعربية يرى بول بيرنار، مدير مدرسة ترشيح المعلمين، أن تعليمها جاء استجابة للمطالب المتجددة من الجزائريين، ثم أن العربية هي لغة التجارة في نظره. ولكنه أكد على أنه يعني اللهجة الدارجة فقط. فهل طالب الجزائريون بالعربية
(١) خلاصة البرنامج واردة في كولونا، مرجع سابق، ٢١٢. انظر كذلك ٢٠٧ - ٢١٤. وعن فلسفة البرنامج الموجه للأهالي انظر كذلك بول بيرنار (التعليم الابتدائي ...)، مرجع سابق، ٥ - ٩. وهو يسمى ذلك بالمذهب التربوي: Doctrine pédagogique.