الدارجة أو بالمكتوبة؟ إن العرائض كانت تطالب باللغة العربية المكتوبة، لغة التعليم والقراءة والكتابة والعلم والبحث. أما الدارجة فلا تفيد إلا المستشرقين والتجار الفرنسيين، وقد انتقد بعض علماء الفرنسيين أنفسهم تعليم الدارجة إذ لا طائل من ورائها، ذلك أن اللغة المكتوبة هي لغة التراث والقرآن والتجارة أيضا - وهم يقصدون بالتجارة الاتصال بالبلاد العربية والإسلامية عن طريقها. ولكن أيديولوجية القضاء على اللغة العربية لتعيش الفرنسية هي التي كانت تملي اختيار اللغة الدارجة التي رفضها الجزائريون من التعليم على كل حال.
أما في الحساب فقد ظهرت مقدرة الطفل الجزائري على الحساب العقلي والكتابي، وكان الأطفال يتعلمون النظام الفرنسي في المقاييس والمكاييل. والمادة التي تعالج المعارف العامة عن فرنسا والجزائر لا يأخذها إلا التلاميذ الاكثر تقدما في السن، إنها مبادئ عامة بالصور والحكايات، وليس تاريخا بمعنى الكلمة. فتاريخ فرنسا كان يقدم للتلاميذ ممزوجا بالإنتاج الحضاري وبفكرة التقدم والحرية والعدالة (؟) وما فعلته فرنسا من خير للجزائر، (هذا بالطبع إذا كان المعلم فرنسيا في بداية القرن العشرين)، أما بالنسبة لمادة الفلاحة فيمكن للجزائريين تحسين فلاحتهم وتعلم طرق المحاسبة والحالة المدنية ووظيفة البريد وغيرها مما سمي بالمعارف العامة. وأما بالنسبة لتعليم البنات فيقع التركيز على صناعة الزرابي والطرز العربي (١)، فالبرنامج الفرنسي للجزائريين كان يتلخص في فرنسة اللسان والعقل واستغلال الأيدي والأبدان لصالح السلطة الفرنسية، وليس في البرنامج ما يدل على تكوين الإنسان والمواطن الصالح في ثقافته من أجل قومه وبلاده.
أما المواد المقررة في مدرسة ترشيح المعلمين (النورمال) فهي: بيدا غوجية (منهجية) المدرسة الأهلية، والزراعة، والأعمال اليدوية، واللغة العربية والبربرية، والطب الشائع. والهدف هو تخريج معلم فرنسي للمدارس الأهلية