للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنسانيون وديموقراطيون من دعاة المساواة بين الشعوب. والمثل يقول: رب ضارة نافعة.

حين أسس الفرنسيون مدرسة الطب سنة ١٨٥٧ كان من أهدافها تخريج بعض الجزائريين في التمريض والتطبيب المحلي والمعالجة حسب الأمراض المنتشرة في الجزائر. وسموا هؤلاء احتياطيين يدفعون بهم إلى الأرياف بدل الفرنسيين، للاتصال بالأهالي والتغلب على بعض الأمراض واتباع أساليب الصحة هناك. ولكن ندرة المتخرجين من هذه المدرسة جعلت الفكرة في حد ذاتها مجرد خيال. فبعد أكثر من عشر سنوات على إنشائها لم يتخرج منها سوى ثلاثة من الجزائريين نال أحدهم شهادة طبيب ضابط في الصحة، ونال زميله شهادة صيدلي أو مركب أدوية من الدرجة الثانية. ولا نعرف شيئا عن اختصاص الثالث. وقد أخبرت جريدة المبشر أنه ليس في المدرسة الطبية سنة ١٨٦٩ سوى ثلاثة من المسلمين .. وذكرنا أن المعهد (الكوليج) العربي - الفرنسي لم يخرج سنة ١٨٦٩ (تأسس سنة ١٨٥٧ أيضا) سوى ١٦ تلميذا تفرقوا على المدارس العسكرية والبيطرة، أما مدرسة ترشيح المعلمين التي تأسست سنة ١٨٦٥ فلم يتخرج منها سنة ١٨٦٩ سوى جزائريين اثنين (١).

وفي نفس الفترة تأسست مدرسة البحرية وأعلن أنها ستقبل بعض الجزائريين أيضا لأن هؤلاء أثبتوا في (عهد القرصنة) قدرتهم على ركوب البحر. وكان هدف الفرنسيين من السماح لهم بدخولها هو الاستفادة منهم في ميدان التجارة البحرية، كما يستفيدون منهم في الميادين العسكرية. ومن جهة أخرى الاستفادة منهم في عمليات النشاط البحري في المدن الجزائرية. وحين أنشئت المدرسة كانت عبارة عن بارجة راسية في ميناء الجزائر، وكان بها حوالي ستين تلميذا بين ١٢ - ١٥ سنة، وقد جيء بهم من الولايات الثلاث عندئذ. وبعد قضاء سنتين بالمدرسة يأخذون في التدريب على العمل بالسفن، وأثناء ذلك كانوا يوقعون عقدا للعمل ثلاث سنوات، على أن تتطور


(١) المبشر، عدد ٢١ أكتوبر، ١٨٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>