وجدته في مشروع الورشة الذي يخدم بلادها وحضارتها عن طريق البنات المسلمات والتسرب عن طريقهن إلى المجتمع الجزائري. وقد دام مشروعها مدة طويلة وكان نموذجا احتذاه غيرها أيضا. كانت تسمى (مدام لوس Luce) أو الآنسة يوجين بيرلو BERLEAU. وكان أبوها كاتبا في بلدية تورين (فرنسا) فاستفادت من مكتبته، وكان تعليمها غير منتظم، وقد عاشت في الحقبة الرومانتيكية التي اشتهر المنضوون إليها بحب الطبيعة والحقول، والمغامرة في المجهول. ومن بين ما اشتهر به الرومانتيكيون أيضا الرغبة في معرفة الشعوب الأخرى (البدائية) وأنماط عيشها.
جاءت أليكس إلى الجزائر أول الاحتلال تاركة ابنتها عند والدتها في فرنسا. وفي الجزائر تعلمت الخياطة، واشتغلت غسالة في المستشفى العسكري، وتوفي والدها سنة ١٨٣٧ وهي في الجزائر. ثم بدأت تخطط لإنشاء مدرسة (ورشة) للبنات المسلمات يتعلمن فيها الحضارة واللغة الفرنسية. وفي سنة ١٨٤٣ عارض المفتي مصطفى الكبابطي إدخال الفرنسية في المدارس القرآنية فنفته السلطات الفرنسية. وبدأت فكرة التسرب إلى الأسرة. ولكن حالة المرأة المسلمة مضنية، كما يقولون، فهي لا تخرج ولا تتعلم ولا تختار الزوج، وهي لا تنضج قبل الزواج. إنها إنسانة محقورة. هكذا تصورت السيدة أليكس (لوس) حالة المرأة فعزمت على إنقاذها. بدأت بتعلم اللغة العربية باعتبارها الوسيلة الضرورية للدخول إلى قلب المرأة. ومنذ ١٨٤٥ بدأت في جمع التبرعات لمشروعها. ثم بذلت المساعي لإقناع الأمهات اللائي أغرتهن بالسماح لبناتهن بالحضور إلى مدرستها، بضع ساعات في اليوم ليتعلمن اللغة الفرنسية والحساب والخياطة. فلم يأت إليها سنة ١٨٤٦ إلا أربع بنات. ولكنها لم تفشل. لقد اختارت منزلا تعلم فيه، ثم وصل العدد إلى ٣٠ ثم ٤٠. فسألت الحكومة المساعدة. وقد عرفنا أن إدارة بوجو أقرت المدرسة وساعدتها. وكانت المدرسة تقع في شارع طولون. وأهم ما كانت تعلم، بعد اللغة الفرنسية، هو الطرز، لأن الأوروبيين كانوا يقبلون على المطروزات، ولا سيما السواح الإنكليز. ويشمل الطرز على المناديل