وفي مدرسة الجزائر العربية - الفرنسية وقع توزيع الجوائز سنة ١٨٥٤ بحضور السيدة أليكس، ويقول الفرنسيون إن الفتيات ظهرن غير متحجبات خلال الحفل، وأدارت اثنتان منهن حوارا معناه أن فرنسا هي الدولة الحامية للجزائر. وهذا بالطبع ما كانت تريد السيدة المذكورة والإدارة الفرنسية والكنيسة، من تعليم المرأة المسلمة لإخراجها من حرمانها وغبنها في نظرها. ومهما كان الأمر فقد فتحت ورشة لتعليم النسيج والأشغال اليدوية أولا في مدرسة الجزائر سنة ١٨٦١ ثم في مدرسة قسنطينة بعد ذلك. أما المدارس التي نص عليها مرسوم ١٨٥٠ وهي ست، فلم ينجز منها إلا البعض. وشيئا فشيئا بدأ يظهر اسم الجزائريات، فكان اسم السيدة ماحي MAHE سنة ١٨٥٣، وهي سيدة كانت تعطي دروسا في التوليد، وقد نجح ثمانية من أحد عشر وظفن لهذا الغرض، وفي سنة ١٨٥٦ حصلت الفتاة نفيسة بنت علي، وكانت تلميذة في مدرسة السيدة أليكس، على (بروفي) التعليم. وكانت هي الأولى في هذا الميدان (اللغة الفرنسية والطرز) لكنها سرعان ما توفيت - ٢٨ فبراير ١٨٦١.
وفي سنة ١٨٥٠ أيضا أنشات السيدة ابن عابن ABEN مدرسة في الجزائر للبنات شبيهة بمدرسة السيدة أليكس، فهي أيضا كانت تعلم اللغة الفرنسية والقراءة والكتابة والحساب والرسم (وهو برنامج المدرسة العربية - الفرنسية) إلى جانب أشغال الإبرة وإدارة المنزل. وقد بقيت هذه المدرسة إلى سنة ١٨٧٠ ثم حولتها الإدارة إلى مدرسة ابتدائية فرنسية محض. ثم ظهرت مدارس أخرى، وهي في الحقيقة ورشات، بإشراف الأخوات البيض (الكنيسة) وسيدات أخريات تابعات لمذاهب دينية غير كاثوليكية، ولكنها كانت تتنافس على إخراج البنت الجزائرية من بيتها وتقاليدها وربطها بالثقافة الفرنسية، بأية وسيلة. وكل ذلك كان في غياب الحكومة الفرنسية التي يفترض فيها السهر على حرمة العائلة الجزائرية وتوفير التعليم المفيد للبنت وللمجتمع (١). وفي
(١) لا نجد سوى أصوات خافتة خلال ذلك من رجال السلك الديني والقضائي وأعيان البلاد، لتسلط أجهزة القمع والقهر عليهم.