للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإنسان في عالم التصوف هذا وبين التأثيرات الأخرى من المذاهب والعقائد، إذ إن الدرجة التي تأتي بعد الجذب هي أن يصير عندهم (محمديا). أي أن روح محمد (صلى الله عليه وسلم) قد حلت فيه وأصبح خارج الحياة المادية، ومن ثمة أصبح لا ضرورة عنده لممارسة الواجبات الدينية لأنه مغفور له مثل المحمدين الآخرين، إذ لا يستطيعون فعل أكثر مما فعلوا، وأما الحالة الأخيرة فهي حالة (التوحيدي) أو حالة (المعرفي). أي الذي أصبح يتنعم بروح الله مندمجا فيها، وهي الحالة التي أشار إليها ابن خلدون بقوله: (مقام التوحيد والعرفان) أو (التوحيد والمعرفة) (١). وفي هذه الحالة يفقد الإنسان فرديته ويقع الحلول والاندماج، وهو ما يطلق عليه (النيرفانة) الهندية (٢).

وكثير من الطرق الصوفية تقبل في صفوفها النساء والرجال، وهذه الطرق الرحمانية والقادرية والتجانية وغيرها، تقبل النساء كأخوات (خونيات). وحتى مقدمات، وفيهن من تميزن بذكاء حاد وقدرة على التنظيم والزعامة ونشر الطريقة، والشيخ هو الذي يعطيهن الورد أمام العموم، كما سبق، وهن يحضرن الاجتماعات مع الرجال، لكن متجنبات، وقد لعبت بعض النسوة أدوارا هامة سياسية أو غيرها داخل الطريقة الصوفية، ويسري عليهن ما يسري على الرجال في وجوب الطاعة الكاملة وممارسة الطقوس، وحفظ أسرار الطريقة والتضامن، وهذا التضامن يظهر في الصلاة الجامعة، والطاعة، والتشارك في المصالح العامة حتى تصبح أخوتهم كأخوة الدم، وما يقدمونه ليس للشيخ وحده ولكن للجميع.

ورأى البعض أن دخول النساء للطرق الصوفية يعتبر من علامات الحرية والديموقراطية عند المجتمع الصوفي، فهو مجتمع (أخوي) يعمل بالمساواة بين مخلتف أفراده رجالا ونساء.

وقد فصل البعض أصناف المريدين إلى ثلاثة، وهي: المريد خيار


(١) ابن خلدون، مرجع سابق.
(٢) رين، مرجع سابق، ص ٦٢ - ٦٨،

<<  <  ج: ص:  >  >>