للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخلوة، والمريد الخيار، ومريد العامة، كما فصلوا أنواع الممارسات على النحو التالي: العزلة عن الناس، والاختلاء، والسهر في العبادة، والصيام، وحضور الحضرة والزردة وغيرهما من التجمعات، ثم أداء الزيارة (الصدقات والعطايا) وتقديم الهدية للشيخ أو خليفة زاويته أو مقدمه وممارسة الذكر على النحو المخصوص عليه في كل طريقة (١).

(والزيارة) ظاهرة أخرى مشتركة بين مختلف الطرق، وأيضا لدى المرابطين، وهي تعني التوجه إلى شخص مقدس أو مكان معظم دينيا، وقد تكون الزيارة لأضرحة، وهي عادة مرفوقة بالعطاءات، من دراهم وغيرها، وقد ارتبطت الزيارة بالدراهم حتى أصبحت هذه لا تذكر صراحة، والزيارة (الترحم) بالنسبة للطرق تصبح واجبا على الإخوان، إنها في الواقع نوع من الضريبة تدفع للمقدم علامة على الإخلاص والطاعة، كما يدفع المواطن الضريبة للدولة علامة لخضوعه لقوانينها وأداء لواجباته المدنية والسياسية، فالزيارة عند الطرق واجبة ومحددة، والمقدم يرسل الشاوش إلى من تخلف في الدفع، والإخوان يدفعون ما عليهم عن طيب خاطر، وأما الزيارات للمرابطين فقد تتخلف أحيانا ولكن المرابط القوي يعرف كيف يطلبها ويحصل عليها، وهي تدفع له من أجل سمعته وأعماله التي يقوم بها، وهي واجبات تطوعية، خلافا لإخوان الطرق الصوفية (٢). وقد أصبحت هذه (الزيارات) هي المفتاح الذي تتحكم فيه السلطات الفرنسية في الطرق الصوفية وفي المرابطين معا، فمن شاءت وفرت له الزيارات وسمحت له بها فاستغنى وتنفذ وسكت، ومن شاءت منعتها عنه فافتقر وغلب على أمره ولجأ إلى حيل أخرى أو اختفى.


(١) نفس المصدر، ص ٩٣.
(٢) وصف مالك ابن نبي خداع ومكر وشيطنة (في نظره) رجال الطرق الصوفية في الحصول على المال من العامة خلال العشرينات من هذا القرن، وهم يعرفون كيف يبتزون المال بالظهور في شكل مواكب ذات أعلام ملونة وإظهار الكرامات، انظر (مذكرات) ط، دمشق، ص ١٨١، ١٨٥،

<<  <  ج: ص:  >  >>