للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليهم، فهي تراقبهم دائما، لأنهم كانوا وراء الثورات، وهم مهيجون للعامة (١). وهو لم يذكر الثورات، مكتفيا بذكر زعمائها، عدا واحدة (٢). ولكننا نعرف هذه الثورات التي كانت في نظر (رين) من فعل الأشراف المزيفين، فهي كل الانتفاضات التي قادها رجال مجهولون، مكتفين بألقاب وأسماء حربية، كالشريف فلان، أو محمد بن عبد الله، ويبدو أن رين يحبذ أن يبقى الجزائريون هادئين وادعين مادين رقابهم للذبح بدون بعبعة، وبذلك يزول الخطر ويحلو المقام للفرنسيين.

هذا هو وضع الأشراف عندما كانوا يجدون في الساحة مجالا، أما بعد المراقبة الإدارية المشددة، وبعد فشل الانتفاضات، فقد اختفى (المغامرون) وسكن العاديون، ورضوا ظاهريا على الأقل، بالحياة المقدرة، وقد فقد الباقون منهم استقلالهم حتى لم يبق منهم في آخر القرن الماضي من يمكن اعتباره مستقلا (٣). وكان للأشراف التاريخيين مدرسة وزاوية وأوقاف، ونعني بالتاريخيين أولئك المنحدرين من نسل فاطمة الزهراء والإمام علي بن أبي طالب (٤). ومن أبرز العائلات الجزائرية في هذا الميدان، عائلة الشريف الزهار التي انضم جدها للمقاومة وخدم تحت لواء الأمير عبد القادر ثم توجه إلى المغرب، واختطف الفرنسيون ابنه (علي الشريف) عند واقعة الزمالة


(١) رين، مرجع سابق، ص ١٢٨.
(٢) وهي ثورة واحة العمري سنة ١٨٧٦، ويذهب رين إلى أن محمد بن العايق كان فيها أداة في يد أحد السياسيين، وهو محمد بن يحيى الذي عزل من وظيفته، ومن ثمة تكون الثورة ذات أسباب سياسية، في نظره، كما روى أن هناك رسائل ضبطت سنة ١٨٧٥ تدعو للجهاد جهة سطيف، وتشير إلى اسم الشيخ الريحاني، قيم قبر الرسول (صلى الله عليه وسلم). وذكر أحداث سيدي عقبة سنة ١٨٨٠، ووجود رئيس الرحمانية هناك ضد أحد الموظفين الرسميين، وكتب أحدهم (وهو عمارة بن أحمد السوفي الطرودي) رسالة على أنها من الرسول (صلى الله عليه وسلم) إلى رئيس الرحمانية، انظر ص ١٣٧، وربما كان كل ذلك من اختلاقات وتخيلات المخبرين وهم الذين كان يروي عنهم (رين) أخباره.
(٣) ديبون وكوبولاني، مرجع سابق، المقدمة.
(٤) انظر الجزء الأول من هذا الكتاب،

<<  <  ج: ص:  >  >>