الشيخ سعيد بن أبي داود بزاوية تاسلنت، وتوفي سنة ١٨٣٨ وله قبة، وكان من أتباع الرحمانية، كما نذكر بلقاسم بن قربة، وهو من التلاغمة، وكان من الرحمانيين أيضا (١).
وهناك شخصيات اهتمت بالعلم والتصوف السني والزهد، ومع ذلك اعتقدت فيها العامة الدروشة والإتيان بالكرامات، أو هي تدخل إلى قلوب العامة عن طريق هذه الأفعال بدل النهي عنها، وستعرف نماذج من هؤلاء في شيوخ الطرق الصوفية التي سندرسها مفردة، فمن جهة هناك شيخ الطريقة أو مقدمها، وهناك أفعال الدراويش والخرافات والبدع التي تضطهد عقول الناس وتساعد سلطات العدو على التمركز والتحكم، وإذا كانت أفعال الخرافة ربما مقبولة من شيخ قليل العلم غامض التصرف مثل الحاج مبارك بن يوسف، زعيم الطريقة (البوسنية) جهة قالمة، فإنها غير مقبولة حين تنسب إلى شيخ قامت سمعته على العلم والذكاء وقوة الحفظ والذاكرة، مثل الشيخ محمد بن أبي القاسم، شيخ زاوية الهامل.
ولكن ليس كل الجزائريين يؤمنون بالتصوف أو لهم طرق صوفية، ففي ميزاب ليس للناس دراويش ولا مرابطون، بالمعنى السابق، وليس لهم طرق صوفية، وإنما لهم مشائخهم المحترمون الذين يطيعون أوامرهم، ولهم مجالسهم الدينية والدنيوية، ولهم روابط روحية ورموز، كالحلقة، والإمام، فمجلسهم الديني الشرعي يضم مجموعة من المشائخ يتقاسمون فيما بينهم المسؤوليات، كالعدالة، والتعليم، والصلاة، ويرأس المجلس أحد الشيوخ الأكثر علما وورعا والأكثر حرمة واحتراما، وهم متقشفون ذاتيا، ومتطهرون دينيا، ولهم علماء وفقهاء، يخلدون ذكراهم، كالإمام القطب محمد بن يوسف أطفيش، وليس لهم عقيدة في الواسطة كما هو الشأن في المسلم الصحيح، ولأهل ميزاب عقيدة خاصة في الإمامة، ولهم جوامع ولكن ليس لهم زوايا، ومن ثمة ليس لهم أن يفعلوا شيئا من الحضرة والذكر وغيرها من
(١) عن هؤلاء وأمثالهم، انظر أشيل روبير في (روكاي). ١٩٢٤، ص ٢٥٦ - ٢٧٦، وعن أبي التقى انظر حديثنا عن عاشور الخنقي، فصل الشعر،