والصحراء ووقوعها في غرام سليمان هاني (حني؟) وغيره من عشاقها، ومغامراتها في وادي سوف والعين الصفراء (١). لقد ادعى الفرنسيون أنها كانت جاسوسة عليهم، وأنها كانت تعمل لحساب ألمانيا، فاهتموا بها، من وزارة الخارجية إلى الحاكم العام بالجزائر إلى قائد المناطق العسكرية، إلى آخر (بيرو عرب) - مكتب عربي - في أقصى الجنوب، ودارت بينهم المراسلات السرية بشأنها، وهي المراسلات التي لا يعرف المواطنون ولا حتى السياسيون عنها شيئا والتي ما تزال في الأرشيف تنتظر النشر والتحليل، ماذا قالوا؟ إن هذه الآنسة التي كانت تتكلم عدة لغات، ومنها العربية، وتعتنق الإسلام وتعشق الأصل العربي، وتؤلف الكتب والرسائل، وتلبس لباس الشاب العربي، وتتمنطق بالسلاح، وتمارس الفروسية، هذه الآنسة كانت غير عادية طبعا، وها هي في وادي سوف، تدخل الطريقة القادرية عن طريق المدعو عبد العزيز عثمان، صديق محمد الطيب، مقدم زاوية الرويسات، وقد أعطيت ذكر الطريقة، والسبحة، واللباس الخاص، وصامت هناك رمضان، وكان الحسين بن إبراهيم مقدم قمار، هو الذي أدخلها في الطريقة، وكان عشيقها سليمان هاني أيضا قادريا.
وحضرت إيزابيل في تقرت حفلة استقبال أقيمت للشيخ الهاشمي مقدم زاوية عميش، الذي كان عائدا من باريس، وكان الحفل مرخصا به طبعا، وحضره مئات الفرسان والفضوليين، والإخوان، كما حضره ممثلو الطرق الأخرى كالرحمانية والعيساوية والطيبية، لأن أصولها جميعا قادرية، ورفعت الأعلام الخضراء والصفراء والحمراء، وارتفع صوت البارود إلى عنان السماء، وها هو الشيخ الهاشمي بعمامته الخضراء والقندورة الخضراء أيضا يشق صفوف الجماهير، وكان كوفي Gaston Couvert رئيس المكتب العربي في الوادي يتابع الأحداث ويحركها، ورأى أن وجود إيزابيل مشبوه، فأمرت السلطات بنقل صاحبها سليمان إلى باتنة، وحاولت هي منع ذلك، وتوسلت
(١) من آخر ما صدر عنها كتاب مفصل بعنوان (إيزابيل - حياة إيزابيل ايبرهارت) تأليف أنيت كوباك A، Kobak، نيويورك، ١٩٨٩،