بكل الوسائل، ثم التجأت مع صاحبها إلى الشيخ الهاشمي وإخوته، أليست من القادرية؟ وبينما كانت في قرية البهيمة مع بعض أتباع القادرية تقرأ عليهم رسالة، تقدم منها شخص يدعى عبد الله محمد بن الأخضر وضربها ضربة بسيف أصابت رأسها وكتفها ولكنها ضربة غير قاتلة، وحملت للعلاج في مستشفى الوادي على يد المكتب العربي نفسه وطبيبه الخاص (١). وقد أعلن الهاشمي بنفسه اتهام الطريقة التجانية بتدبير الحادث، وطلب اعتقال الجاني الذي ثبت أنه كان من أتباع التجانية، وهذه أحداث تثلج صدور الحكام الفرنسيين وتعطيهم الفرصة للتحرك والسيطرة.
وماذا يهم؟ إن الفرنسيين يريدون أن يستفيدوا من كل الطرق الصوفية وليس من طريقة واحدة، ويريدون إضعاف الجميع حتى لا تتقوى ضدها بالتضامن، أن فرنسا تستفيد من القادرية، كما تستفيد من التجانية، ولكنها تريد منهما عدم التفاهم ضدها، ولذلك فسر الفرنسيون أن ضرب الآنسة المغامرة داخل في التنافس بين الطريقتين، وذهبت الخيارات إلى أن الآنسة كانت على علاقة خاصة مع الشيخ الهاشمي، وأن (التعصب الديني) هو الذي كان وراء الحادث الذي حدث لها، ولعل هذه الأحداث كلها كانت من نسيج المكتب العربي بالمنطقة وتحريك أصابع المخابرات الفرنسية.
وكانت للشيخ الهاشمي بن إبراهيم مراسلات مع الزعيم الليبي.
(١) وقع الحادث في ٢٩ يناير ١٩٥١، كانت إيزابيل قد توسلت بالهاشمي كما ذكرنا، وذهبت إليه مع صاحبها سليمان، فأعطاهما ١٧٠ ف، ولم يجدا فائدة في تدخله، ولا في تدخل أخيه الحسين أيضا، وكان الشيخ الهاشمي يستعد لأداء الزيارة لأخيه محمد بن إبراهيم بنفطة عند وقوع الحادث، ولا نعلم لماذا ذهب الهاشمي إلى باريس؟ وقد قامت السلطات الفرنسية أيضا بإبعاد السيد عبد القادر بن سعيد، المعلم بإحدى المدارس، وصديق الهاشمي، إلى ورقلة، انظر كوباك، المرجع السابق، ص ١٣٦ - ١٤٠، ١٥٢ - ١٥٥، وكان زعيم زاوية قمار التجانية عندئذ هو الشيخ محمد العروسي، وتوجد بالكتاب المذكور صورة الأخوين محمد الطيب والهاشمي، مأخوذة سنة ١٩٠٠ عن نهاية المغامرة ايبرهارت، انظر فصل مذاهب وتيارات،