للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أموالا تخرج من الجزائر أمام أعين الفرنسيين متوجهة إلى شيوخ القادرية في بلدان أجنبيه، وهذا استنزاف لا ترضاه السلطات الفرنسية، وتذكر هذه السلطات أن الزاوية الأم ترسل بالسلسلة القادرية إلى بعض المقدمين في الجزائر لتعتمدهم، وذلك عن طريق الحجاج أو الزائرين للمشرق، كما أن بعض المقدمين من هذه الطريقة يأتون إلى الجزائر، ويسمى هذا الزائر (رقابا) وهو وأمثاله كانوا تحت الرقابة المشددة من الفرنسيين، وكانوا ينزلون في المدن الساحلية كتجار يحملون الأوراق الرسمية والصحيحة، ولكن لهم علاقات وطيدة مع شخصيات معروفة لدى الفرنسيين، يتخذونها غطاء لتحقيق مهمتهم، والرقابون لا يظهرون، خلافا للطرق الأخرى، أي اهتمام بالصدقات والتبرعات المالية - الدينية، وهذا يزيد في رفعتهم عند الناس.

وقد اكتشف الفرنسيون في العشرين سنة الأخيرة من القرن الماضي أن الأموال كانت ترسل من الجزائر إلى بيروت، بطريق الحوالات البريدية ونحوها، إضافة إلى تلك التي كانت تذهب إلى بغداد، وكان الفرع الجديد، بزعامة محمد المرتضى بن محمد السعيد بن محيي الدين (والد الأمير). فقد عرفنا أن والده، محمد السعيد، هو الذي تولى شؤون الطريقة أثناء كفاح أخيه (عبد القادر). وقد ظل على ذلك حتى بعد هجرة العائلة إلى الشام، ولمحمد السعيد مريدون، وله بعض المؤلفات المذكورة في كتب التراجم، ونعته أحد مترجميه بأنه (شيخ الطريقة القادرية) في المغرب (الجزائر) (١). وقد ترك ولدين هما محمد المرتضى وعبد الباقي، تولى الأول شؤون الطريقة في بيروت وتولى الثاني فتوى المالكية في دمشق، وبعد مدة من وفاة والده (١٢٧٨ هـ) انتقل محمد المرتضى إلى بيروت، وكان قد زار إسطانبول بنصيحة من الأمير عبد القادر (عمه). ورتب له السلطان راتبا ماليا، وحج مع عمه (الأمير) سنة ١٢٨١، وبعد رجوعه عكف على نشر العلم وأوراد الطريقة القادرية، وكان له تلاميذ في دمشق وبيروت، وله نظم


(١) زكي مجاهد (منتخبات تواريخ دمشق). ٢/ ٦٩٦، وقد دفن الشيخ محمد السعيد بجبل قاسيون، بدمشق،

<<  <  ج: ص:  >  >>