للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(النفاق) أو الثورة يؤكد هذه السياسة، يقول (رين) إن الشيخ الموسوم قام، من تلقاء نفسه، ثم بطلب من السلطات الفرنسية باستعمال نفوذه سنة ١٨٦٤ (ثورة أولاد سيدي الشيخ) وسنة ١٨٧١ (ثورة المقراني والحداد). فكتب إلى (الإخوان) رسائل ومناشير يحرم عليهم الانضمام للثورة، ويلعن من يتدخل في السياسة (١).

أخذ الشيخ الموسوم ورد الطريقة الشاذلية على شيخه عدة بن غلام الله، وهذا أخذه عن شيخه، العربي بن عطية، وهذا أخذه عن العربي الدرقاوي، شيخ الدرقاوية التي هي بدورها فرع من الشاذلية، وقد ذكرنا سابقا محتوى هذا الورد، هذا عن شيخه في مجال التصوف أو الحقيقة، كما يقولون، أما شيخه في العلوم الشرعية وغيرها فهو الحاج الشفيع، وقد تعلم الشيخ الموسوم في مازونة، وكان أبوه قد تولى القضاء في أوائل الاحتلال، وأصبح الشيخ الموسوم بارعا في علوم اللغة والأدب والبلاغة والفقه وعلم الكلام، رغم المستوى المتدني للتعليم في وقته، ولكن موهبته وتفتح ذهنه جعله من القلائل في ذلك العهد الذين ألموا بهذه العلوم، ولو في المستوى المتوسط، ولعل ذلك هو الذي جلب إليه أنظار السلطات الفرنسية فعرضت عليه وظيفة إدارة المدرسة الحكومية الثعالبية بالعاصمة، فاعتذر (٢). وتفرغ للوعظ والإرشاد في قصر البخاري، وذاع صيته بين الناس في الناحية واعتقدوا فيه الصلاح والولاية، رغم أنه، كمعاصره محمد بن أبي القاسم في بوسعادة، كان يبث العلم الممكن في وقت الاحتلال ويبث مبادئ الدين والتصوف (٣). ولعله كان يعتقد أن ذلك أبلغ وسيلة في الجهاد ضد العدو، الذي كاد يخنق أنفاس أمثاله


(١) رين، مرجع سابق، ص ٢٦٤، كلمة (النفاق - بالقاف المعقودة أو البدوية) تعني الخروج عن الحكم القائم أو التمرد.
(٢) الآن كريستلو، (المحاكم الإسلامية والدولة الاستعمارية). برنستون، ١٩٨٥ ص ٢٧٥.
(٣) ترجمته في أبي القاسم الحفناوي (تعريف الخلف برجال السلف). الجزائر، ١٩٠٦ (ط، مصورة ١٩٨٨). ٢/ ٥١٦، وكذلك ابن بكار (مجموع النسب) مرجع سابق، ص ١٥٩ - ١٦٠،

<<  <  ج: ص:  >  >>