للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ممن تسميهم السلطات الفرنسية بالمرابطين المستقلين.

أسس الشيخ الموسوم زاويته بقصر البخاري في حدود سنة ١٨٦٥، وهي تقريبا الفترة التي أسس فيها زميله صاحب الهامل زاويته أيضا، فنحن في عهد اختفت فيه المدارس وحورب فيه تعليم الدين واللغة من قبل السلطات الاستعمارية، ونحن أيضا في عهد شهد زيارة نابليون الثالث للجزائر وصدور مرسومين مشؤومين ضد المجتمع والهوية، أولهما مرسوم ١٨٦٣ الذي سهل انتزاع الأراضي من أصحابها واقتلاع جذور المجتمع من أساسها بتمليك الأرض فرديا وحل النظام القبلي، والمرسوم الثاني أعلن أن الجزائريين رعايا فرنسيون لا حقوق لهم في الحياة السياسية والمدنية ولا جنسية لهم إلا إذا تخلوا عن أحوالهم الشخصية، وقد تخرج على يد الشيخ الموسوم عدد من التلاميذ في العلم والتصوف، منهم الشيخ محمد الشرقي العطافي، وقدور بن محمد بن سليمان المستغانمي، وكان الشيخ تحت رقابة السلطات الفرنسية في برنامجه التعليمي وفي أذكاره الصوفية، ويبدو أن (رين) مؤلف الكتاب الشهير عن المرابطين، كان يعرفه شخصيا، وقد سأله عن حياة الطريقة وأورادها، كما سأل غيره من رجال الطرق، لأن كتابه في الحقيقة، ما هو إلا خلاصة تقارير وتقاييد ومؤلفات وصلته من مختلف المصادر (١).

ويذهب الإسكندر جولي إلى أن الشيخ الموسوم اشتهر في المنطقة بالعلم والتقى والزهد والغيرة الدينية، فأثر على الناس وجعلهم يتخلون عن الخرافات والبدع، وقد أعطى هو المثل فكان يرفض المدح، وكذلك العروض Propositions التي قدمها له الفرنسيون، وما عدا ذلك فقد عاملهم معاملة حسنة فاحتفظوا له بذكرى طيبة، كما يذهب جولي إلى أن وفاة الشيخ الموسوم قد أثرت في الجميع، وقال إن مشروعه الذي شيده قد انحط من بعده، إذ تقاسم أبناؤه التركة الروحية وتقاسموا زاوية بوغار (البخاري)


(١) اطلعنا نحن على بعض هذه التقارير المرسلة إليه من رجال العلم والطرق الصوفية، وهي تذكر له السلاسل والأذكار والإحصاءات والميزانيات، وكان ذلك حسب ما يطلبه هو من معلومات في استبيانه،

<<  <  ج: ص:  >  >>