للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين العامة على أنها من الطرق المهرجة، فهي تمارس أعمالا ظاهريا لا علاقة لها بالعبادة والتصوف، كالرقص وأعمال العنف والتضارب والسحر وغيرها من أوجه النشاط العضلي والبدني على مسمع ومبصر كل الناس، ويذهب (رين) إلى أن لديه رسالة من شيخ الزاوية الأم بمكناس، يستنكر فيها ما يقوم به بعض الأتباع من أعمال لا علاقة لها بالطريقة، وهو يوصيهم بعدم الخلط بين السحر والتصوف، وأكد له أن بعض المنتسبين للعيساوية ما هم إلا سحرة، ويضيف رين أن شيخ مكناس ألح في رسالته على ضرورة جمع التبرعات مما يدل، في نظر رين، على أن اهتمام الشيخ كبير بجمع المال والشؤون الدنيوية رغم أن الزاوية غنية (١).

ويبدو لنا أن العيساوية قد اتخذت طابعا شعبيا في الجزائر وفي المغرب، ونقصد بالطابع الشعبي ذلك المظهر الذي يختلط فيه الجد والهزل والدين والشعوذة تنفيسا وترويحا على روح الشعب المكبوت، إنها نوع من الانفجار الداخلي، ولكن في اتجاه آخر، ليس ضد العدو كالثورة، ولكن باستخدام وسائل العنف ضد الجسد وتبسيط الدين إلى درجة القيام بأعمال السحر والخرافة، إنها (الكاريكاتور) الصوفي إذا صح التعبير، وهي توازي بأعمالها في الحياة الدينية ما يقوم به عندئذ المداح في الحياة الأدبية، والشعوب تتخذ لها مسارات جديدة للتنفيس عن نفسها كما يتخذ الماء المضغوط مجاري جديدة، ولكن البعض يرى في أعمال العيساوية أداة لتخدير الشعب ومساعدة السلطة الاستعمارية على التحكم والبقاء.

ورغم استنكار الفقهاء والعقلاء والمتعلمين ما يأتي به بعض أتباع العيساوية من ممارسات سلبية، فإن أتباعها كانوا يقومون بأعمال اعتبرها بعضهم مفيدة كمداواة المرضى، فهم يذهبون إلى البيوت ويقومون بصلوات وأدعية عند المريض، ويظهرون المعاناة والحزن من أجل الآخرين، والعامة، حسب (رين). تحب ذلك منهم لأنهم، دون الطرق


(١) لم يذكر (رين) كيف حصل على هذه الرسالة، ولكنه قال إنه ترجمها عن العربية،

<<  <  ج: ص:  >  >>