وللعيساوية أوراد وأذكار، ولهم صلوات وأدعية، ومع ذلك ابتدعوا ما ليس موجودا، وجاؤوا بأعمال تحدث التشنج العصبي الخطير، ويطلقون صرخات مدوية على ضربات الموسيقى والطبول، وهي صرخات وحركات تبدأ ببطء ثم تتصاعد وتتشنج إلى أن تصل إلى الغيبوبة والسكر الجسماني، ثم يكون الرقص المتوتر وفقدان التوازن، ولكي يجذبوا الجماهير ويذهلوها يقومون بأمور عجيبة غير مألوفة ولا معروفة عندها، ولكنها معروفة عند الكيمياويين، كما يقول رين، وهم يعتبرون ذلك من أسرار المهنة والشؤون الداخلية، ولكن غيرهم يعتبرها سحرا وشعوذة وبهلوانية، وهذا الطابع الاحتفالي الذي تكتسي به أعمال العيساوية هو الذي جعل السواح والفضوليين يحضرون حفلاتها ويعتبرون ذلك هو الإسلام حقيقة وهو حال المسلمين فعلا.
ومع ذلك فالعيساوية ممدوحة عند أصحاب السلطة أيضا، سواء في العهد العثماني أو في العهد الفرنسي، ويذكر الفرنسيون أنهم وجدوا ٢٣ رسالة لدى شيخ العيساوية في الجزائر كلها تعفي زاويته من الضرائب، وهي صادرة من الدايات ومن بايات التيطري، كما تعفيهم من حق التويزة (السخرة) في القبائل المجاورة وتأمر باحترامهم، وقد قاومت زاوية وزرة القريبة من المدية والتي تمثل مشيخة العيساوية، قاومت الفرنسيين إلى سنة ١٨٤٢ حين احتلوا المدية بعد استئناف الحرب ضد الأمير عبد القادر، ورغم أن الفرنسيين لم يلاحظوا عليها كطريقة لا كافراد، مساندة أخرى للثورات أو الدعوة إليها بعد ذلك، فإنهم ظلوا يخشون أتباع العيساوية لشعبيتهم ولوجود علاقات خارجية لهم (مع المغرب الأقصى). وتبدي هذه الطريقة تسامحا مع الفرنسيين فتتركهم يحضرون ممارساتها الصوفية، رغم أن تصوفهم، كما يقول رين، معارض للتقدم، أي لا يتفق مع المخططات الفرنسية، أما شيوخ الطرق الأخرى فلا ترضى أغلبتيها بتصرفات العيساوية وتراها مخلة بالوقار والتعاليم الصوفية الراسخة، ويذكرون أن محمد بن علي السنوسي قد روى