ذلك من شأن العرب والمسلمين فقط) مفادها أن الشيخ الطيب المؤسس التاريخي للطريقة (انظر الجزء الأول) قد تنبأ لأصحابه بأنهم سينتشرون في الجهة الشرقية (والمقصود الجزائر) لأنها ستقع في أيدي بني الأصفر (وهو اسم الروم عند القدماء، والمقصود جنس الفرنسيين). ثم قال لهم: إنكم ستأخذونها أنتم قبلهم أو بعدهم.
قلنا إن للطريقة الطيبية سلسلتين الأولى ذهبية لشرف النسب، وهي تبدأ من الرسول (صلى الله عليه وسلم) ثم ابنته فاطمة، مرورا بإدريس الأكبر، إلى أن تصل السلسلة إلى الحاج العربي ثم ابنه عبد السلام ثم العربي بن عبد السلام الذي كان موجودا سنة ١٨٩٣، أما السلسلة الثانية فهي لإثبات السند الصوفي، وفي هذه الحالة نجد الطريقة ترجع إلى الشاذلية والجزولية والعيساوية والناصرية والحنصالية، بدءا بالملك جبرائيل إلى الحاج العربي ثم إلى ابنه عبد السلام وابنه العربي، وهكذا.
وتعاليم الطيبية لا تكاد تختلف عن تعاليم الطرق الأخرى، فهي مثلها، تدعو إلى التقوى وفعل الخير والقيام بالواجبات الدينية، وإطعام الفقراء والتدخل لحل خلافات الناس وإصلاح ذات البين، مع التقرب إلى الله بأدعية وأذكار سنوردها، والابتعاد عن الحياة الدنيا وزخرفها (رغم أن شيوخها كانوا مهتمين بالحياة المادية، كما سنرى). والتأمل في ملكوت السماوات والأرض، ورغم ادعاء مقاديمها بأنهم لا يهتمون ولا يتدخلون في السياسة فإن الواقع يجعل طريقتهم عبارة عن جمعية دينية ذات وزن سياسي وأن لها أهدافا سرية غير معلنة (١). ويذهب (رين) إلى أن طريقة إدخال الأتباع تسمى عند الطيبية (تسييس) الأتباع، وقال إن لها أهدافا سياسية، وهي لا تشبه الطرق الأخرى في أذكارها - إذ أن أذكارها عبارة عن ألفاظ مترابطة ومترادفة يمكن أن تكون كلمات (سرية) في أي وقت، والدخول في الطريقة عندهم سهل، فعندما يقصدهم الأخ ليطلب الورد من المقدم، يحاول هذا أن يثنيه