معها تكون فيها هي مطية للتسرب إلى المغرب، ولو بعد حين، وكان قناصل فرنسا في طنجة مسلحين بتعليمات محددة، فبعد احتلال قسنطينة ظهر صفان أو حزبان متنافسان على منصب مقدم الطيبية، أحدهما بزعامة ابن عيسى، والثاني بزعامة الشريف شريط، وعندما فاز الأول احتج الثاني، وتدخلت السلطات الفرنسية لدى زاوية وزان لحل الخلاف الواقع داخل (مملكتها). وحدث إشكال شبيه بالأول بعد ذلك أيضا، فقد عين شريف وزان مقدمه في قسنطينة، قدور بن زروق فنازعه على هذا اللقب عمر بن شريط (ابن المقدم السابق المتوفى). وبعد انتخابات جرت برضى شريف وزان نفسه فاز ابن شريط وانهزم ابن زروق رغم أنه كان معينا من الزاوية الأم والشريف الأصلي، ولم يسع شريف وزان إلا الموافقة على هذا الانتخاب (الديمقراطي). وتولت السلطات الفرنسية تعيين ابن شريط (رسميا) في وظيفته كمقدم.
ويقولون إن العلاقات بين أشراف وزان والسلطات الفرنسية في الجزائر ترجع إلى عهد بوجو، وبالضبط سنة ١٨٤٣ حين وجه بوجو قنصل بلاده في طنجة (وهو ليون روش). إلى الاتصال بالحاج العربي، شيخ الزاوية ورئيس الطريقة، وذلك لتسهيل مهمة الفرنسيين في الجزائر على يد مقدميه وإخوانه، وكان بوجو قد حاول نفس المحاولة، ولكن بطريقة أخرى، حين نال من بعض علماء المسلمين فتوى تثبط الجهاد والمقاومة في الجزائر وتفتي بوضع السلاح والاستسلام ما دام (الكافر) قد سمح بأداء الشعائر الدينية للمسلمين وما دام هؤلاء عاجزين عن طرده (١). والظروف التي تحرك فيها بوجو هي نفس الظروف التي كان يتحرك فيها بومعزة في الجزائر، وكان لغزا من الألغاز، والمعروف أن بوجو هاجم المغرب ليجبر سلطانه على ضرب الأمير
(١) انظر ذلك في فصل مذاهب وتيارات، وهي المهمة التي قام بها الجاسوس ليون روش (الحاج عمر) سنة ١٨٤٢ في القيروان ومصر والحجاز، وليوسف مناصرية كتاب عنوانه (مهمة ليون روش في المغرب). الجزائر، ١٩٩٠،