للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زاوية بوبريح شمال فاس، في قبيلة بني زروال، وخلفه محمد البوزيدي، ثم يتوالى الخلفاء، ومنهم عبد الرحمن بن الطيب الذي كان متوليا سنة ١٨٨٤ على نفس الزاوية، وكان له تأثير كبير، وهذه الزاوية تعتبر هي الأم لفروع الدرقاوية الأخرى، تليها زاوية تافيلالت التي أسسها أشراف مدغرة، والتي لعبت أيضا دورا رئيسيا في الناحية عندئذ، وكانت ملجأ للثائرين أمثال بوعمامة وأتباعه، كما كانت ناقمة على الحكومات، ويقال عنها أنها ضد المجتمع الحضري، والثالثة زاوية مدغرة التي أسسها أحمد البدوي، وهو أيضا من الأشراف، ودفين فاس، وقد أعاد تنظيمها شيخها أحمد الهاشم بن العربي المتوفى سنة ١٨٩٢ عن ٩٣، والشيخ أحمد الهاشم كان من المعارضين للنفوذ الفرنسي في المنطقة، وهو الذي أعلن الجهاد ضد الفرنسيين في تافيلالت سنة ١٨٨٨ (١).

والدرقاوي تتلمذ على الشيخ أبي الحسن علي بن عبد الرحمن الجمالي الفاسي، وله سلسلة صوفية مستمدة من أحمد بن يوسف الملياني وابن عطاء الله الإسكندري وأحمد زروق وأحمد المرسي عن أبي الحسن الشاذلي، وتنسب إلى الدرقاوية مواقف مختلفة، منها أنها خالفت تعاليم الشاذلية في التسامح والحياد إزاء السياسة والمهادنة، ومنها أنها أعطت دفعا جديدا للشاذلية رغم بقائها من الناحية الفلسفية تلميذة لها، أما مظاهرها من لباس وممارسات وعبادات فقد تعددت الأوصاف لها، فمن قائل إن أتباعها كانوا يقلدون كبار الصحابة وغيرهم في بعض المظاهر، مثل لبس المرقعات، لأن أبا بكر وعمر لبساها، ومثل حمل العصا لأن موسى (عليه السلام) قد حملها، وهم يرقصون على اسم الله، لأن جعفر بن أبي طالب قد احتفى باسم الله بأداء الرقص، وهم يحملون السبحة لأن أبا هريرة في دعواهم كان يحملها في رقبته، كما أنهم يفضلون العزلة ويمشون حفاة، ويحتملون الجوع، ولا يخالطون إلا الصالحين، ويتفادون أصحاب السلطة، ويصدقون في أقوالهم.


(١) ديبون وكوبولاني، مرجع سابق، ص ٥٠٨،

<<  <  ج: ص:  >  >>