للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شرقا، وعائلته مرابطة تدعى أولاد بوعزة، وكان محمد الهبري في البداية مقدما على زاوية الخيثر في بني يحيى بالريف المغربي، ثم أظهر استقلاله وأصبح يهدد بابتلاع الفروع الأخرى، وتصفه المصادر الفرنسية بالتعصب، ولكننا لا ندري ماذا كانت تتوقع منه في وقت كانت تمتد عيون فرنسا إلى المغرب الأقصى لابتلاعه أيضا، فهل كانت تتوقع أن تجد طريقة جديدة مساندة لها تدخل بها جنوب الجزائر والمغرب كالطيبية؟ لقد أصبحت هذه الطريقة تسمى (الهبرية) منذ آخر القرن الماضي، وقد توقع الفرنسيون أن تتكون طريقة بذلك الاسم، ولكن بعد وفاة شيخها، وجاءتها هذه الخصوصية من ممارسة الأذكار، ولكن ذكر الشاذلية - الدرقاوية ظل هو هو عندها، وكان للهبرية مقدم في سعيدة وكان درقاويا متحمسا، ولكنه لا يهمل الجوانب المادية كما قيل، وقد أسس لهذا الفرع الجديد زاويتين، وهو يبتعد عن أنظار الفرنسيين ويكثر من العبادة، ويمكن أن يكون ملجأ المتعصبين والثائرين، كما يقولون (١).

وربما كان محمد الهبري هذا هو نفسه الذي توفي سنة ١٩٠١، فإذا كان الأمر كذلك فإنه يكون من مواليد سنة ١٨٦٣ (١٢٨٠). ومن قبيلة زغبة العربية، المتفرعة عنها قبيلة الهبرة (؟). وكان للهبري ولع بالأعشاب، وربما كان يستعملها في التداوي ويجلب بذلك العامة والأتباع، ونحن أمام السيرة التي أوردها له (قوفيون) نجد أنفسنا غير قادرين على إصدار حكم على الطريقة الهبرية عندئذ، فهم من أتباع الدرقاوية، ولكنهم ثاروا على السلطان بالمغرب (الحسن الأول؟ وقد ثار الدرقاويون ضد العثمانيين قبل ذلك، كما أشرنا). ولا ندري إن كان الهبري قد توفي طبيعيا أو مات مقتولا، ولكننا نعرف أنه ترك أحد أبنائه، وهو محمد الهبري الذي أصبح مواليا للفرنسيين، حسب مصادرهم، وكان أصغر الأبناء، وربما لم يكن هو الذي ورث البركة عن أبيه، ومهما كان الأمر، فكتاب أعيان المغرب الأقصى يصفه بأنه صديق الضابطين موجان وليوتي، وأنه ساعد الفرنسيين على تهدئة الأوضاع سنة


(١) ديبون وكوبرلاني، مرجع سابق، ص ٥٠٩،

<<  <  ج: ص:  >  >>