يستندون في ذلك إلى تأييد فرنسا لها تأييدا ظاهرا وباطنا، (بكل الوسائل). حسب تعبير أحدهم (١). ومن أكبر المؤيدين لها الشيخ عبد الحي الكتاني المغربي، الذي لعب، رغم علمه الواسع، دورا مشبوها في حركة الطرق الصوفية والزوايا على مستوى المغرب العربي، وسنتحدث عنه وعن دور هذه الزوايا بعد قليل، وقد دخل الطريقة العليوية بعض الفرنسيين المشبوهين الذين ادعوا اعتناق الإسلام، كما دخلها وألف فيها كتبا ومقالات بعض الانكليز أيضا، وقد نسب إلى الشيخ ابن عليوة أنه يقول بالتثليث، ولكن ليس التثليث الذي يؤمن به النصارى، بل تثليث الأديان: الإسلام والمسيحية واليهودية، وهو مذهب قريب جدا من عقائد الماسونية التي تؤمن بالتثليث الآخر، وهو (الحرية والإخاء والمساواة). كما نسب إلى الشيخ القول بالحلول الذي جاء على لسان أبي منصور الحلاج، ولكن الجميع متفقون على أن الطريقة العليوية جديدة، وعصرية وغير عادية بين الطرق، فإلى أي حد إذن هي شاذلية أو قادرية أصلا؟ فهل هي جديدة في التصوف كما هي جديدة في السياسة وفي الموقف من الأديان؟
إن السلسلة التي اتبعوها تمتد إلى محمد العربي الدرقاوي والشاذلي، ولكن ابن عليوة استقل في الأخير عن الجميع، وأصبحت الطريقة باسمه، وأتباعها يستعملون الحضرة أيضا ويمارسون الأذكار والاجتماعات ويحبون الخلوة حتى ألزموا المريد بالاختلاء أربعين يوما إذا لزم الأمر، وأثناء ذلك عليه ألا يكف عن ذكر اسم (الله) ومد المقطع الأخير منه، وعلى المريد أن يذكر الشهادة خمسة وسبعين ألف مرة، وأن يصوم أثناء الخلوة طول النهار ولا يأكل إلا ليلا، ومن مبادئهم أن (الكشف) قد يأتي للمريد في بضع دقائق، وقد يأتي في بضعة أسابيع أو شهور، وهؤلاء الأتباع يستعملون الرقص والتواجد، ويذكرون الله في حركات خاصة إلى أن تصل إلى التشنج والصرع، كما أسلفنا، ويعلقون السبحة في أعناقهم ما عدا المشارقة فقد قيل إن ابن عليوة أباح لهم حمل السبحة في أيديهم، وفي السبحة تسعة وتسعون
(١) النيال (الحقيقة التاريخية للتصوف الإسلامي). ص ٣٤١،