للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حبة، وفي وسطها قطعة خاصة تكمل المائة (١). ومن رأى (لانغز) أن ابن عليوة يتبع في تصوفه مذهب محيي الدين ابن العربي.

أما علي مراد فقد رأى أن ابن عليوة قد غرق في التصوف القديم دون استعداد ديني ودراسي كاف، فكان في نظر العامة صاحب مكانة عالية في الفقه والتصوف، غير أنه كان يفتقر إلى الفهم للنصوص وإلى القدرة على استيعاب المسائل والذوق، ولذلك اتهمه الإصلاحيون بالزندقة والإلحاد، وأبرز علي مراد ظاهرة أخرى في ثقافة ابن عليوة وهي أنه تخلف فكريا بينما واصل معاصروه من العلماء الدراسة والاطلاع على إنتاج المشرق وتخرجوا من المعاهد الإسلامية، وإلى جانب ذلك ظل ابن عليوة يدور في فلك ما اسماه علي مراد بالمركزية الإسلامية - المسيحية، وهذا الموقف قد جلب إليه بعض العطف والاهتمام مؤقتا لأسباب سياسية، ولكن ابن عليوة فشل في جلب المسلمين والمسيحيين إلى هذه المركزية.

وقد رأى مراد أن ابن عليوة لم يستطع إنجاد المرابطية في وقت كانت تواجه فيه هجمة الإصلاح، ولو كان عالما أصيلا أو من رجال الدين الأقوياء لكان في استطاعته التصدي لذلك الهجوم وإنقاذ المرابطية (روحانية الطرق الصوفية). ومن جهة أخرى فإن التطورات الحديثة قد جعلت المرابطية متخلفة، ففرنسا وجمعية العلماء أخذتا منها التعليم، والمجتمع الحضري أخذ منها الاحسان وأفعال البر، واستوعبت الحياة المادية لبناء الزوايا، وفقدت هذه المؤسسات زبائنها، وهكذا انعزلت المرابطية أمام قوى الحداثة والتقدم (٢). وليس في هذا جديد، وحتى إطلاق اللحى وتعليق السبحة وقبول بعض الوظائف ونحو ذلك، كان معروفا لدى طرق سابقة، سيما الدرقاوية.


(١) لانغز، مرجع سابق، ص ٨١ وهنا وهناك.
(٢) علي مراد (الإصلاح الإسلامي). مرجع سابق، ص ٧٥ - ٧٦، بالإضافة إلى أوغسطين بيرك، ذكر علي مراد عددا من المستشرقين الآخرين الذين اهتموا بالشيخ ابن عليوة، ومنهم تيتوس بورخارت BURCKARDTT وإيميل بيرمنغام، وكذلك مارتن لانغز الإنكليزي،

<<  <  ج: ص:  >  >>