للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزاوية ووارثا للبركة، (رغم غضب الأتباع والمقاديم في الداخل والخارج) لأنهم كانوا يعرفون أن عدة بن تونس كان إسكافيا ثم بائع أسماك، ثم ضابط صف في الجيش الفرنسي، ثم سائق سيارة الشيخ، فلا ثقافة له ولا حسب يرفعه إلى مقام القيادة الروحية للطريقة (١). ومهما كانت صحة هذا الرأي فمن الأكيد، بناء على التجارب الأخرى، أن الإدارة الفرنسية ما كانت لترضى بهذه الوراثة لو لم تخدم أهدافها، ولكن المعروف أن الطريقة قد شاع أمرها، في المغرب العربي والسينغال ومدغشقر وكذلك انتشرت، كما يقولون، حتى في أوروبا وآسيا وأمريكا (٢). أثناء حياة الشيخ ابن عليوة.

وحياة ابن عليوة مبسوطة في كتاب (الروضة السنية) الذي قيل إن عدة بن تونس قد ألفه بعد عامين من وفاة الشيخ، كما أن الشيخ قد أملى على أحد أتباعه سيرة ذاتية مختصرة (٣) بعنوان (نبذة). ويبدو أنه أملاها حوالي ١٩٢٤، لأنه تحدث فيها عن التطورات التي حدثت في تركيا عندئذ وعن إلغاء الخلافة، وقد ضمنها معلومات عن بداياته وعن شيوخه وعن تفكيره في الهجرة من الجزائر ورحلته إلى طرابلس واسطانبول، وقد استفدنا من هذه السيرة عدة أمور، منها أن الشيخ لم يدرس دراسة منتظمة، وأنه لم يصل في القرآن الكريم سوى إلى سورة (الرحمن). وهو جزء صغير منه، وأنه بدأ حياته الروحية في الطريقة العيساوية، حيث كان يمارس الرقص البهلواني والحركات العصبية والتلاعب بالحيات السامة، وكذلك استفدنا من هذه السيرة أن محمد البوزيدي الدرقاوي هو الذي أثر فيه


(١) بقي عدة بن تونس شيخا للطريقة إلى وفاته سنة ١٩٥٢.
(٢) من وثائق الشيخ علي امقران السحنوني، وتضيف هذه الوثائق أنه في سنة ١٩٤٧ أنشأ عدة بن تونس جمعية (أصدقاء الإسلام) فدخلها عدد من رجال المخابرات وأصبحوا يتنقلون بحرية تحت غطاء الصداقة للإسلام، كما أصبح للأعضاء الأجانب الحق في تولي المناصب الحساسة في الطريقة.
(٣) هذه النبذة موجودة في زاوية ابن عليوة بمستغانم، وهي مخطوطة، نقل منها مارتن لانغز المعروف بالحاج أبو بكر سراج الدين في كتابه (الشيخ أحمد العلوي) ترجمة محمد إسماعيل الموافي، بيروت، دار الكتاب الجديد، ط، ١٩٧٣، ص ٤٧ - ٧٥،

<<  <  ج: ص:  >  >>