للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلف أحد الفرسان ويحاول إصابته بعصاه، والفارس المحظوظ هو الذي يصيبه الباشا بعصاه، لأنه عندئذ ينزل عن فرسه ويتقدم من الباشا الذي يعطيه الدراهم، وهكذا. وقد كانت هذه مناسبة رسمية وشعبية. فالعامة كانوا يكتفون بالتفرج، أما الخاصة فقد كانوا يتراجعون إلى حيث نصبت خيمة الباشا ويقضون بعد ظهر ذلك اليوم في الأكل والشراب واحتساء القهوة (١) وهذا هو ما يشبه اليوم حفلة الاستقبال الرسمية.

ولم تكن اللعبة البهلوانية أو لعبة المصارعة خاصة بيوم عيد الأضحى بل كانت تجري كل يوم جمعة. غير أن الباشا لا يحضرها إلا في المناسبة الأولى. وكانت تجري يوم الجمعة بنفس الطريقة وفي نفس المكان أيضا، غير أن أشهر اللاعبين لا يلعبون إلا في عيد الأضحى. وكان ليوم الجمعة أيضا مظهره الخاص. ففيه تغلق المدينة أبوابها عند الصلاة كما تغلق جميع الدكاكين نوافذها، ومعظم التجار لا يعودون لفتح الدكاكين بعد الصلاة بل يذهبون في نزهات خاصة مع أهلهم أو يخرجون إلى بساتينهم القريبة أو يزورون بعضهم البعض. أما النساء فقد كن يتوجهن منذ الصباح الباكر إلى المقابر لزيارة موتاهن.

وقد كانت هناك حفلات أخرى تسلي الناس وتدفع عنهم الضجر مثل مسرح القراقوز (أو خيال الظل) الذي أدخله الأتراك. ومن ذلك أيضا حلقات إنشاد الشعر الشعبي حيت يقوم المداحون بقص السير والأخبار ومغامرات الأبطال والفرسان. وقد شاع في الجزائر عندئذ شرب القهوة بكثرة ومضغ الدخان وتدخينه في السبسي أو الغليون (٢) واستعمال النشوق ونحو ذلك. ولم يكن شرب الخمر شائعا عند الطبقات العالية ولا ذوي الشأن والعلم لأنه حرام


(١) بيتز، ١٧.
(٢) سنتعرض إلى رأي العلماء في الدخان من الناحية الشرعية، وقد كان اليهود يتاجرون في الدخان حتى أننا وجدنا في الأرشيف العثماني أن بعض الدكاكين كانت مخصصة لبيع الدخان وأن أصحابها كانوا يدعون بـ (الدخاخنية)، وهم من اليهود. والغريب أن بعض هذه الدكاكين كانت ملكا للأوقاف الإسلامية.

<<  <  ج: ص:  >  >>