للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنه لا يليق بالمقام. أما الجنود والشباب الترك بصفة عامة فالوثائق تتحدث على أنهم كانوا يشربون بكثرة حتى يعربدوا. وهم إذا عربدوا فقدوا كل سيطرة على أنفسهم حتى أنه يصبح من الخطر الاقتراب من الجنود لأنهم قد يقتلون ويعتدون على النساء والصبيان، ولا سيما عند توجههم في حملاتهم السنوية (في الربيع، نحو الشرق والغرب والجنوب). لذلك يخرج البراح وينادي بابتعاد النساء والصبيان من طريقهم (١).

وخلافا لما كان يشاع من أن المجتمع الجزائري هو مجتمع الرجل فإن المرأة قد لعبت فيه دورا أساسيا في الميدان الاقتصادي والاجتماعي وحتى السياسي والثقافي. فالمرأة الريفية كانت تقوم بمعظم الأعمال التي هي غالبا من اختصاص الرجل. ومن ذلك الحرث والسقي وعلف الحيوانات ونحوها. وكانت بالطبع تربي الأولاد وتقوم بأعباء المنزل. كما كانت تنتج ملابس الأسرة من برانيس وقنادير ومناديل، بالإضافة إلى نسج الزرابي والحياك وغيرها من وسائل التجارة. ومن جهة أخرى كانت المرأة الريفية تشترك في الحروب مثل علجية بنت بوعكاز التي سيأتي الحديث عنها (٢).

أما المرأة المدنية فقد كانت تتاجر أيضا بعدة وسائل منها تأجير البحارة الذين يقومون لها بالحصول على غنائم البحر وبيعها في أسواق الجزائر من سلع وأسارى ونحو ذلك (٣). وإذا كانت المرأة المدنية، على خلاف المرأة


(١) بيتز، ١٧، انظر أيضا كتاب (المجالس) لأحمد بن ساسي البوني. فقد جاء فيه أن بعض الشبان خرجوا من (دار بعض الأتراك وهم سكارى يتمايلون، وقد خلعت عنهم خلع الأستار) المكتبة الوطنية تونس، رقم ٩١٨.
(٢) انظر فقرة الثورات من هذا الفصل.
(٣) هذا بالطبع يشير إلى المرأة التي لا زوج لها. وقد كانت غنائم البحر توزع كما يلي: للمدفعي سهمان وللجندي سهمان. أما الأرقاء الذين يعملون لغيرهم على السفن فيأخذ بعضهم سهمين وبعضهم ثلاثة وبعضهم أربعة أسهم، ولكنها جميعا تذهب إلى مالكيهم. وما عدا هؤلاء جميعا يأخذون سهما واحدا. انظر بيتز، ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>