للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الريفية، لا تخرج إلا محجبة فإن ذلك لم يقلل من دورها الاجتماعي. فبيتها كان نظيفا يضرب به المثل حتى أن المرء ينتقل فيه حافيا من غرفة إلى أخرى فلا يمس قدميه أي وسخ. وكانت تعتني بتربية الأطفال حتى كان الطفل الحضري مضرب المثل أيضا في النظافة والذوق والجمال. أما أوقات فراغها فكانت تقضيها في الحمام أو في زيارة الأقارب والجيران. وسنعرض إلى بعض مظاهر تجميلها في مناسبة أخرى.

وليس صحيحا أيضا أن المرأة لم تكن تشترك في السياسة العامة للبلاد. حقا أنها لم تكن عضوة في الديوان ولا موظفة سامية في إطارات الدولة ولكنها كثيرا ما تدخلت في توجيه القرارات والتأثير على أزواجهن في اتخاذ مواقف معينة. وأول ما نلاحظه في هذا الميدان هو الزواج السياسي الذي كان يتم بين زعماء الترك والكراغلة وزعماء الجزائريين من أصحاب النفوذ والسلطان. فقد تزوج عروج من زوج سليم التومي (١). وتذكر المصادر أن مصطفى بوشعلاغم كان متزوجا من عدة نساء صاهر بهن شيوخ النواحي الغربية وقوادها، ولذلك ظل في الحكم ثلاثين سنة. وتزوج أحمد القلي، باي قسنطينة، من أسرة بوعكاز (شيخ العرب)، وكذلك الحاج أحمد باي قسنطينة الذي تزوج من أسرة المقراني وغيرها. ومن جهة أخرى نعرف أن زوج بابا حسن باشا هي التي أثرت عليه في إطلاق سراح الأسرى الفرنسيين عند ضرب هؤلاء لمدينة الجزائر سنة ١٦٨٨ (١١٠٠ هـ) مما جعل الوجق يثورون عليه ويذبحونه (٢). وقد كانت زوج حسن باشا وراء مقتل صالح باي (٣). وهناك أمثلة كثيرة على هذه التدخلات ولكنها ما زالت غير مدروسة.

كذلك أدت المرأة خدمات دينية واجتماعية وخيرية هامة. فقد وجدناها توقف الأوقاف على الفقراء والمساكين وتساهم في تحبيس الكتب ونحوها


(١) لوجي دي تاسي، مقدمة الطبعة الفرنسية سنة ١٧٢٥. واسمها هناك (زفيرة) ولعل اسمها الحقيقي ظافرة.
(٢) بيتز (حقائق)، ١٥٠.
(٣) الزهار (مذكرات)، ٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>