زواوة وتخريب الزاوية الأم بآيت إسماعيل على يد الجيش الفرنسي وأسر السيدة فاطمة وهجرة الحاج عمر بعد ذلك، ولا نريد الرجوع إلى هذه الأحداث، خصوصا السياسية والعسكرية هنا، وعلينا الآن أن ندرس كيف تفرعت الزاوية الرحمانية وكيف تصرف مقدموها خلال العهد الفرنسي.
أما حياة الشيخ محمد بن عبد الرحمن فلا نعود إلى تناولها إلا من بعض النقاط التي كنا أهملناها فيما مضى، وهي: رجوعه من السودان مع زوجه وخادمه، وتحبيذه نشر العلم والتربية الدينية والصوفية على طريقة علماء السلف، وخلافا لبعض شيوخ التصوف الآخرين الذين أهملوا التعليم في زواياهم واهتموا بالممارسات الصوفية المبتدعة، وخوف سلطة الجزائر السياسية من نشاطه واتهامه بالزندقة من بعض الفقهاء، وانعقاد مجلس علمي لمناظرته، وإبطال التهمة ضده، وكان المجلس برئاسة مفتي المالكية في الوقت، علي بن عبد القادر بن الأمين، الذي تولى الفتوى مرات عديدة، ودرس أيضا في الأزهر، مثل الشيخ ابن عبد الرحمن نفسه، وهناك نقطة أخرى وهي خلافته سنة ١٧٩٣ (١٢٠٨). فقد أوصى ابن عبد الرحمن بها للشيخ علي بن عيسى المغربي، وقد طال عهد ابن عيسى وانتشرت تعاليم الزاوية في عهده، وكانت موحدة، فقد بقي حوالي ٤٣ سنة على رأس الزاوية، وعاصر الاحتلال الفرنسي، إذ توفي سنة ١٨٣٦، ولكن منطقة الزاوية الأم لم تحتل إلا سنة ١٨٥٧، غير أن الرحمانيين كانوا منتشرين في وسط وشرق البلاد، وكان الشيخ ابن عيسى متزوجا، حسب بعض المصادر، من السيدة خديجة التي اشتهرت بالناحية شهرة كبيرة، وهي التي تذهب الأخبار إلى أنها أم للسيدة فاطمة، وأنها تولت شؤون الزاوية بعد وفاة زوجها بعض الوقت، كما سميت عليها قمة جبال جرجرة، وهذه الأمور كلها في حاجة إلى تحقيق وتدقيق، ولكننا نذكرها لأن بعض المصادر الفرنسية تذهب إلى ذلك، ومنها ما يذهب أيضا إلى أن السيدة فاطمة كانت زوجة للحاج عمر، رغم أن قصة زواج هذه السيدة معروفة، وهي أنها كانت في عصمة شخص آخر لم يرض بحل عقدتها لتتزوج غيره، ولكن كل هذه الاخبار تدل على أن