شخصيات الطريقة الرحمانية كانت متقاربة وعائلية في منطقة جرجرة بالذات، وقد عين الشيخ ابن عبد الرحمن مقدمين آخرين أثناء حياته، ومنهم محمد بن عبد الرحمن باش تارزي في قسنطينة الذي أصبح نائبا عنه في منطقة الشرق والجنوب وحتى في تونس، وقد ذكرنا في غير هذا الكتاب أن الشيخ قد أعطى الإجازة لعدد آخر من المقدمين، ومنهم بلقاسم بن محمد المعاتقي، والعابد بن الأعلى الشرشالي، وقبل أن نذكر الفروع التي تولدت خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر عن انتشار الرحمانية نذكر علاقة هذه الطريقة بالقادرية.
تحالفت الطريقتان على الجهاد ضد الاحتلال منذ ١٨٣٠، ورغم أننا قلنا إن الأمير عبد القادر كان يعتبر رجل دولة وليس شيخ طريقة، ورمزا وطنيا وليس درويشا صوفيا، فإن ظروف الخريطة الدينية للجزائر عندئذ جعلت المعاصرين ينظرون إلى زعامته على أنها زعامة للطريقة التي كان والده شيخا لها، وكان الأمير قد قدم رجال الدين في الوظائف الإدارية والحربية على رجال المخزن، وهكذا لجأ إلى تجنيد رجال العلم الذين كان كثير منهم قد تخرجوا من الزوايا مثله، وقد رأينا أنه عين أيضا من الطريقة الدرقاوية، وها نحن نجده يعين أشخاصا من الرحمانية، ومن أبرز رجالها الذين خدموا دولته بإخلاص أحمد الطيب بن سالم، ولا ندري الآن ما إذا كان أحمد الطيب من مقدمي الرحمانية أو كان فقط من أخوانها، كما لا ندري صلة الحاج سيدي السعدي بالطريقة الرحمانية، ولكن عددا من المؤشرات تشير إلى أنه كان منها أيضا، وقد حارب في متيجة إلى جانب ابن زعموم إلى حوالي ١٨٣٧ (١).
إلى جانب هؤلاء نجد الحاج سيدي السعدي، وقد حدثنا عنه أدريان بيربروجر حين رآه في يناير ١٨٣٨، وكان ذلك أثناء الصلح بين الطرفين، ووصف بيربروجر الحاج السعدي بأنه المرابط الشهير لمنطقة سباو، ونحن
(١) عن هذه الظروف انظر الجزء الأول من الحركة الوطنية الجزائرية،