الحاكم الفرنسي عن نشاط الزاوية بمناسبة زفاف الشيخ محمد العربي وتزويج أخيه سعد السعود، والزيارات التي وردت عليه من أعيان وأخوان الناحية مما يدل على ازدهار الزاوية وعقائد الناس فيها عندئذ، وأنها لم تعد صغيرة ومعزولة كما كانت سنة ١٨٨٤، ويتحدث التقرير عما حمله أهل الناحية رجالا ونساء (وكبار الأعراش) من ماشية وتمر وسكر وقهوة وشمع، وسمن وقمح وحطب وعسل وجوز ودقيق، إلى جانب الدراهم، وقد أحصينا الأعراش الممثلة في الزيارات فكانت عشرة، فمن الأقارب أولاد تفورع، وأولاد ثابت، والبراجة وأولاد نصر، ومن الأباعد (كما يقول التقرير) البعادشية، والعمامرة والمحاشة، وأولاد رشاش، وأولاد بوعريف، وأولاد عبد ي، وتدل القائمة على أن الزاوية تأخذ فعلا شيئا كثيرا من أهل الناحية، وقد طلب الحاكم الفرنسي لدائرة خنشلة أن يخبره القايد عما يقوله الشيخ محمد العربي لزائريه فأجابه القايد بأنه يحثهم على خدمة الزاوية وعائلته، وكان الناس يطلبون منه الدعاء ثم ينصرفون (١).
ويظهر من العرض السابق أن الشيخ عبد الحفيظ قد ترك عدة أبناء، منهم من بقي بالجزائر ومنهم من انتقل إلى تونس وأنشأ بها زوايا أيضا، ونحن نعلم أن ابنه محمود قد أنشأ واحدة في تمغزة بالجنوب الغربي لتونس، وأن الحفناوي قد أنشأ أخرى بتونس العاصمة، وكان أبناء الشيخ عبد الحفيظ على محلة بزاوية نفطة الرحمانية - العزوزية، حتى أن الأذكار هنا وهناك واحدة، وكانت فرنسا تشجع على هذا التفرق في الزوايا والشيوخ كما ذكرنا لأسباب تتعلق بتسهيل التحكم فيها، سواء في الجزائر أو تونس، ولكن الإخوان لم يكونوا في غالب الأمر واعين لهذه الخطة، ولاحظ الباحثون الفرنسيون أن هناك فروعا للفروع أيضا، فزاوية نفطة والخنقة لهما فروع في الكاف وتوزر والقيروان، وأتباع في بنغازي وغدامس وجنوب طرابلس
(١) أطروحة دكتوراه عبد الحميد زوزو، باريس، ١٩٩٢، فقد أورد التقرير بكامله، وهو مترجم ١٥ جوان ١٩٠١، كما أورده زوزو في كتابه (نصوص). مرجع سابق، ص ١٧٤ - ١٧٦، وفي التاريخ خطأ فليراجع،