والمدينة المنورة، وجملة الإخوان لهاتين الزاويتين (نفطة والخنقة) تقرب من أربعة عشر ألف شخص، وهو رقم قد يكون مبالغا فيه جدا، وإليك البيان حسب إحصاء سنة ١٨٩٧: الزوايا ١٥، والإخوان ١٣، ٩٤٠ منهم ١، ٢٠٦ امرأة، ولكن لهم شيخ واحد (ابن عزوز). والمقدمون ٧٦، والطلبة ٦٦، والشواش ٨٠ (١).
وزاوية نفطة لا تهمنا من حيث الجغرفية ولكن تهمنا من حيث الطريقة، فقد عرفنا أنها تأسست لأسباب سياسية بعد احتلال بسكرة، وأن مؤسسها هو مصطفى بن عزوز، وترجع شهرة زاوية نفطة إلى كونها أصبحت مدرسة للتعليم، بالإضافة إلى الدور الديني والاجتماعي، وكان رجالها يكملون تعليمهم بجامع الزيتونة، ويتولون الوظائف الدينية كالقضاء والتعليم، ومنهم المكي بن عزوز والخضر بن الحسين، وذهب إلى هذه الزاوية عدد من طلبة الجزائر للدراسة أيضا، مثل عاشور الخنقي، كما هرب إليها بعض الثوار أمثال ناصر بن شهرة وشريف ورقلة، ونزل فيها محي الدين بن الأمير عبد القادر سنة ١٨٧٠ - ١٨٧١ حين دعا إلى الجهاد، فأهل بسكرة وتبسة والوادي وتقرت كانوا يقصدون زاوية نفطة للتعلم والسلوك معا.
أما فرع الوادي فقد كان تابعا لزاوية علي بن عمر الطولقي، ولكن شيخه سالم بن محمد الأعرج، كان على صلة أيضا بزاوية ابن عزوز بنفطة، أخذ الشيخ سالم الطريقة الرحمانية عن علي بن عمر، عن طريق محمد بن عزوز البرجي، عن طريق محمد بن عبد الرحمن باش تارزي عن طريق محمد بن عبد الرحمن الأزهري، إلى آخر السلسلة الرحمانية، والشيخ سالم هو ابن محمد بن محمد .. بن المحبوب، دفين القيروان، وبعد وفاة الشيخ سالم تولى ابنه محمد الصالح شؤون الزاوية بالوادي، واشتهر أمره بالصلاح، وقد ألف الشيخ إبراهيم العوامر رسالة في الشيخ محمد الصالح، وأسند له
(١) ديبون وكوبولاني، مرجع سابق، ص ٣٩٩ - ٤٠٠، وننبه إلى أن الرقم خاص بنفطة والخنقة، عن زاوية نفطة انظر ترجمة محمد بن عزوز في (تعريف الخلف) للحفناوي، ٢/ ٤٨٥،