للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مخلصا لها، مواظبا على أذكارها، ولكنه في نفس الوقت لم يتخل عن مبدأين هامين هما: التعليم والجهاد، فقد أنشأ زاوية في واحة سيدي المصمودي عند جبل أحمر خدو، فأصبحت مركزا عاما للتعليم الديني والسياسي، ونحن نجد الصادق بن الحاج من المساندين الرئيسيين لثورة الزعاطشة سنة ١٨٤٩، وقدم المساعدات للشيخ أبي زيان هناك، وأثار الأعرلش في جبل أحمر خدو، وبني بوسليمان.

وبعد عشر سنوات، قام بثورة خاصة به، ١٨٥٨ - ١٨٥٩ في الأوراس، وقد أحرق الجنرال (ديفو) زاوية المصمودي عن آخرها، سنة ١٨٥٩، انتقاما من الشيخ وأتباعه، وجاء في إعلان هذا الجنرال للسكان أن الصادق بن الحاج يضللهم وأنه يجتمع بالنساء ويقلل من أهمية فرنسا وجيشها ويطلب من المرابطين الآخرين، أمثال ابن كريبع وابن النجاري الانضمام إليه، وقد توعد ديفو السكان بمصير الزعاطشة (التخريب الكامل) وقال إن الدين الإسلامي لا يبيح ما فعله الصادق بن الحاج (١). ثم أسر الصادق بن الحاج مع أبنائه وأعوانه المقربين، وانعقدت له محكمة عسكرية، حكمت عليه بالنفي والسجن خمس عشرة سنة وعلى الآخرين عشر سنوات، لرفعهم السلاح ضد فرنسا وتحريضهم الناس على التمرد، وكان منفاه جزيرة كورسيكا، ثم أعيد إلى سجن الحراش، ورغم طلب مدير السجن التخفيف عنه لكبر سنه والتزامه بشروط السجن وصبره، فإنه ظل سجينا إلى موته سنة ١٨٦٢، وبقي ابناه الطاهر وإبراهيم سجينين بعد فترة، وقد طلب ابناه العفو عنهما لتشتت نسائهما وأراضيهما وأولادهما، من الحاكم العام المارشال بيليسييه (٢). ولا ندري متى أطلق سراحهما، وهل كان عليهما أن


(١) ملاحق أطروحة زوزو، الاعلان بتاريخ ٢٥ جمادي الأولى ١٢٧٥ (٣١/ ١٢/ ١٨٥٨) وهو بالعربية والفرنسية وموجه إلى قبائل أحمر خدو، وأولاد داود، وغسيرة، الخ ...
(٢) أورد عبد الحميد زوزو، (الأطروحة) عدة ملاحق من بينها رسالة بقلم إبراهيم بن الحاج طالبا فيها العفو وإطلاق سراحه وسراح أخيه بعد موت والدهما في السجن، =

<<  <  ج: ص:  >  >>