للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لها بوضع يدها في الماء أو بإحاطة خرقة على اليد، ويقوم الشيخ بنفس الشيء معها أيضا.

أما الشيخ محمد بن بلقاسم الحسني البوجليلي العباسي، فهو نموذج آخر من العلماء والزهاد، رغم أنه كان أيضا مقدما للشيخ الحداد، وقد ركز البوجليلي على العلم والتعليم بدل التصوف والممارسات المنسوبة للدين، كان الشيخ البوجليلي عالما بمفهوم ذلك الوقت، وهو يشبه شخصيات أخرى مماثلة ومعاصرة له، ولكن الاستعمار الفرنسي ثبطها وكبت مواهبها، مثل محمد الموسوم وعدة بن غلام الله ومحمد بن بلقاسم الهاملي ومصطفى بن عزوز، فلو أتيح لهؤلاء المناخ المناسب والحرية الفكرية لأعطوا للجزائر وجها آخر يمتاز بالمعرفة واتساع الأفق وخدمة اللغة والدين، كان الشيخ البوجليلي من الشخصيات المعترف لها كمقدم لزاوية بوجليل، دوار تيقرين، بلدية آقبو المختلطة عندئذة وقد أكب على التعليم والتأليف، وخدمة الدين، فاشتهر أمره وورد عليه الطلبة، فكان يجيزهم بالعلم لا بالذكر، وهذه ملاحظة المؤلفين الفرنسيين عليه (١). فقد أجاز تلميذه محمد بن عمر السازيلجي في ١٨ ذي الحجة ١٢٩٢ (١٥ يناير ١٨٧٦). وكان ذلك عند نهاية الدراسة، رخص له فيها بتعليم كل العلوم التي أخذها عنه من نحو وفقه وحديث، وغيرها، قائلا: (ليس هناك فرق بيني وبينه للراغب في هذه العلوم). فنحن إذن أمام شهادة علمية وليس إجازة بذكر الطريقة الرحمانية، كما اعتاد المشائخ، ومع ذلك فالشيخ عند السلطات الفرنسية وعند عامة الناس إنما هو مقدم بوجليل، وكان له أيضا إخوان يعلمهم الذكر، وهم يعدون ٧، ٩٠٤ إخوانيا، منهم بعض النسوة ١، ١١٥، وله ٤٢ زاوية تابعة، وهو الشيخ الوحيد، بالإضافة إلى ثمانية من الوكلاء، و ٦٤ مقدما، فمجموع إخواف ٩، ٠٩٢ حسب إحصاء سنة ١٨٩٧.


(١) سندرس حياته في المؤلفين والعلماء أيضا، والإجازة التي نستشهد بها ترجمها (ميرانت). المترجم العسكري بالحكومة العامة، انظر ديبون وكوبولاني، مرجع سابق، ص ٣٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>