للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونلاحظ هنا تركيز الفرنسيين على استقلالية الفروع الرحمانية بعد الشيخ الحداد، وقد ذكروا أن هناك فروعا أو مقدمين لا يعترفون بأي شيخ، ولكنهم بقوا يؤدون الزيارة السنوية إلى الزاوية الأم بآيت اسماعيل أو مدينة الجزائر حيث مزار الشيخ محمد بن عبد الرحمن (بو قبرين). وذكروا من هؤلاء الشيخ محمد بن الحسين المقيم في قرية (آيت أحمد) والذي كان يتمتع - بسمعة كبيرة في الدين والورع، وقيل عن هذا الشيخ إنه كان يثبت ولاءه للفرنسيين بإرسال قطع من السكر أو بضع برتقالات إليهم، مع بركته (١). كذلك بقي في آيت إسماعيل الشيخ محمد البجاوي وغيره ممن يقولون إنهم من نسل الشيخ ابن عبد الرحمن (بوقبرين). باعتبارهم مرابطين وليسوا مقدمين للرحمانية في المنطقة، وإضافة إلى ذلك هناك حوالي خمسة عشر مقدما آخرين في أنحاء الجزائر عندئذ، ولهم زوايا وأتباع رحمانيون، وقد قدر عدد أتباعهم وزواياهم كما يلي: حوالي ٢١، ٠٠٠ إخواني، و ١٩ زاوية في المجموع، هذا طبعا خارج زوايا وأتباع الفروع التي ذكرناها.

لكن فرار الشيخ عزيز من منفاه في كاليدونيا الجديدة، سنة ١٨٨١ قد سبب إحراجا للأشياخ الرحمانيين، خصوصا ابن الحملاوي، وللسلطات الفرنسية، جاء الشيخ عزيز إلى مكة والمدينة بعد عشر سنوات قضاها في المنفى، وأصبح يتردد بين مكة وجدة، وكانت له فرصة في لقاء الحجاج ومراسلة إخوانه الرحمانيين عن طريقهم ومحاولة الرجوع إلى أرض الوطن، للأهل والأبناء، ولكن السلطة الفرنسية التي احتلت تونس وعاشت ثورة بوعمامة، غير مستعدة أن تفتح باب الجزائر للذي كان أحد زعماء ثورة ١٨٧١، ومع ذلك لم يقطع عزيز الأمل لقد كانت فرنسا مستعدة لشيء آخر وهو مراقبته عن طريق قناصلها ومراقبة مراسلاته عن طريق جواسيسها، كان الشيخ عزيز على صلة مباشرة، كما تقول المصادر الفرنسية، بكل رؤساء


(١) ديبون وكوبولاني، مرجع سابق، ص ٣٩٥، كذلك ص ٣٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>